الجمعة، 23 مارس 2012

كيف يجب أن تكون علاقتنا بالأخر الأجنبي؟

(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

كتبت من قبل عن (ازدواج معاييرنا مع الغرب) و ذكرت أننا ننظهر من ناحية له علي أنه مجتمع فاجر و فاسق و كافر، و أننا أفضل أخلاقاً و علاقاتاً و ديناً منه ، و من ناحية أخري يكمن في لا وعينا شعور دائماً بالدونية تجاهه، فنتعلق بكل ما يمت له بصلة و نريد أن نصير مشابهين له في كل شيء ، في اللغة و الملبس و االأغاني و الفن .و ليس الغرب وحده هكذا ؛ فنحن صرنا في العقدين الماضيين ننظر للخليج بنفس الطريقة ،و عندما تحكم الصين العالم قد ننظر للاّسيويين بذات الطريقة.
و لكن يجب أن ينتهي ذلك ، يفترض بنا أن نعتدل في نظرتنا للأخر الأجنبي. لا يمكننا أن نقول عليه ففاسق و فاجر و كافر و نحن لا نعرفه أصلاً و لم نحيا معه. لا يمكن لشخص أن يحكم علي أخر بدون أن يعيش حياته و يخابر ظروفه و نحن لا نحيا في مجتمعات الأخر و لا نعرف ظروفها بشكل عملي و لا نعرف كيف يفكر الأخر و ما وجهة نظره في أفكاره لنحاكمه و نصدر ضده التهم من أعيننا نحن و طبقاً لفكرنا نحن ، و وجهات نظرنا نحن ، و عاداتنا و تقاليد نحن ، و أدياننا نحن. أحكامنا حتماً ستكون منحازة و بعيدة غاية البعد عن الموضوعية.
أيضاً ما نتعلمه من الأخر و ما نرفضه منه يجب أن يكون طبقاً للمنطق ، و للتفكير الحر في الصواب و الخطأ. لا يوجد مجتمع كامل أو شعب بلا أخطاء ، كما لا يوجد مجتمع أو شعب بلا حسنات ، و عندما نطلع علي ثقافة مجتمع أو شعب علينا أن نفكر في مبادئ هذا المجتمع أو الشعب بحيادية و موضوعية و بدون تحيز حتي نختار منه ما هو صواب حتي لو عارض ما تربينا عليه ، و نرفض منه ما هو خطأ حتي لو أعجبنا. علقت صديقة لي من قبل قائلة أننا نستورد من الأخر أسوأ ما فيه و نترك حسناته. أعتقد أن السبب هو الدافع من وراء تقليد الأخر ، هل هو فقط أن نصير نسخة عنه ؛للننال شرف أن ننتمي اليه؟ أم هو رغبتنا في أن نصير أفضل و أن نتعلم من الأخر الحسنات التي لا نجدها عندنا مثل القيم و المبادئ و العمل و اتقان المواعيد و الشرف؟
لنأخذ من الأخر ما هو صواب و نترك ما هو خطأ يجب أن يكون دافعنا للتعلم منه التقدم و أن نصير أفضل لا أن نخسر هويتنا و نصبح نسخة مشوهة عنه. الأزمة الحقيقية في علاقتنا مع الأخر هي الفكرة الخاطئة المترسخة في اللاوعي الجمعي لنا أن الأخر أفضل منا و أرقي و أننا أحط منه و لن نستطيع أن نصير مثله ذات يوم.و بعضنا تشوه وعيه تماماً لدرجة أنه يردد هراءاً مفاداه أننا كشعب متخلفين لسنا مثل الغرب و الاّسيويين بطابعنا متقدمين و أننا مصيرنا أن نبقي في القاع و هم يبقون في القمة. و هذه طبعاً فكرة أقل ما توصف به هو العنصرية ،و هي تخالف فكرة الايمان بأن الله –عز و جل- خلق الناس كلهم سواسية.و لكن الي حد ما هذه الفكرة مترسبة في مكان ما في اللاوعي و هذا يجعلنا دائماً متطلعين الي الأخر و كأنه الملك المأله الذي يريد الجميع أن يقتبس من نوره و يصير مثله. ان هذه النظر الي الأجنبي هي ذاته النظرة التي يتطلع بها الفقراء في مجتمعنا الي الأغنياء و يحاولون بسببها أن يقلدوا الأغنياء بأي طريقة كانت.
هذه النظرة ، و هذه الفكرة المترسبة في اللاوعي يجب أن نقاومها بأنفسنا. أنا عندما أجد نفسي أنطق كلمة انجليزية مثلاً و اشعر و أنا أنطقها بالفخر ، أواجه نفسي بسرعة و أحاكمها.و عندما أجد نفسي مستمتعة باطراء أمي لي علي ملابسي و قولها أنني أشبه الأجانب أوبخ نفسي. يجب أن تفكر أو تفكر ألف مرة قبل الفخر أو الرغبة في فعل أي شيء لمجرد أنه يقربكَ أو يقربكِ من الأخر ، و يجب أن تحاول أو تحاولي جدا نفسك َ أو نفسكِ و أقناعها بأننا لسنا أقل من الأخر.
عندما يكون لدينا توازن نفسي تجاه الأخر و نشعر أننا لسنا أقل منه ، حينها فقط سنستطيع أن ننظر اليه بموضوعية لا بتأليه أو تحقير ، و حينها سنختار بحرية و موضوعية ما نتعلمه منه و ما نرفضه .و حينها أيضاً لن ننصب أنفسنا قضاة منحازين نحاكم الأخر و نصدر الأحكام عليه بدون وجه حق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق