(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
بقيت غاضبة و معذبة فترة بسبب حبي لمعلمتي و غضبي منها .حبي لها ؛لأنها علمتني الكثير ، و لأنها شخصية فريدة لا تقابل كثيراً ،في العمر ، و غضبي منها ؛لأنها تسب طلابها المهمليتن بكلمة (قمامة) ، و لا تجد فيها حرجاً ، و لا خطأ يقل من مكانتها كمعلمة. بعيداً عن كون السب و الاهانة أسلوب خاطئ و اجرامي في التدريس (و هو أمر سأتناوله في مقال قادم) ، فالأزمة الحقيقة في انحطاط لغة الشارع المصري ، الذي صارت فيه أقبح الكلمات و أكثر تجريحاً ،و بذاءة لغة الحديث اليوم في الشارع المصري و حتي بين المثقفين و السياسيين.
اليوم صارت كلمات ك (قمامة) و (ما يخرج من الجسم) هي أقل ما ينادي به الأصدقاء أصدقاءهم ان غضبوا . و صارت كلمات ك (غبي) و (حمار) هي مرادفات الأطفال في طفولتهم المبكرة. و أعتقد أنني لا أحتاج الي الانجراف الي المستنقع اللفظي المنحط ، و ذكر مرادفات اّخري للشارع المصري أقل ما توصف به البذاءة و الفجر، و نسمعها كل يوم كأسوأ صور التلوث السمعي.
الكارثة هي في أن الألفاظ الخارجة تلقن للنشئ منذ صغرهم في كل مكان حتي تصير لغتهم اليومية. المعلمون لا يجدون أي تقليص من مكانتهم عند الطلاب عندما يتفهون بألفاظ نابية . الأباءو الأمهات لا يتورعون عن استخدام السباب أمام أبنائهم و حتي تجاه أبنائهم ، و لا يرون اطلاقاً أي افساد لأخلاقيات أبنائهم فيما يفعلونه. لغة الاعلام و الدراما و الأفلام و حتي الأدب الاّن لغة ليست بأي حال غير معبرة عن لغة الشارع. في الدول المتقدمة (التي نتهمها بالفجر و البذاءة) لا يسمح للأطفال دون الثانية عشرة مشاهدة مشاهد أو مقاطع و لو حتي كرتونية تحوي ألفاظ نابية.و لا يسمح لفئة من الثانية عشرة و حتي السابعة عشرة مشاهدة مقاطع بها ألفاظ شديدة البذاءة، و لكننا في مصر نجد أن الألفاظ الخادشة و البذيئة لغة حياة يومية ، فلماذا لا نغرسها داخل النشيء الصغير و نجعلهم يشاهدون اشارات و يسمعون ألفاظ بذيئة ، الأمر عادي ، الأمر طبيعي؟ !
باختصار النشيء محاصرون داخل اعصار من البذاءة داخل المدرسة و من المعلمون و و زملائهم، و داخل المنزل من الأبوين و الأخوة ،و حتي علي شاشات التلفاز و السينما في الأفلام و الدراما و حتي الرسوم المتحركة مؤخراً.النشيء يربي منا تربية خاطئة تجعله منذ صغره يتحدث بالنابي من الألفاظ بشكل يومي و تلقائي .نحن نحتاج الي تغيير لغة الحوار و غرس رقي اللغة عند النشيء منذ طفولتهم المبكرة. نحتاج الي توعية الأهل و المعلمين بدرجة الرقي في الحديث المطلوبة بحيث لا يتعود النشئ علي البذاءة اللفظية ، كما ينبغي الحرص علي تقسيم المادة الدرامية و الاعلامية طبقاً لسن النشيء بحيث لا يشاهد طفل أو مراهق اشارات أو يسمع ألفاظ منحطة.كما يبغي علي سياسيونا أيضاًَ أن يتربوا قبل أن يتعلموا علم السياسة.و أخيراً يجب أن نستهدف الارتقاء بلغة الشارع المصري كهدف اجتماعي هام ،لأننا صرنا –و للأسف الشديد- من شعوب العالم البذيئة لفظياً، و أذكر هنا أن عالم اجتماع ياباني عندما سئل عما لم يتوقه و وجده في الشارع المصري قال أنه توقع وجود العنف الجسدي بقوة و لكنه وجدنا أرقي قليلاً( أرقي قليلاً أضفتها أنا) و نستخدم الألفاظ بشكل عام في الشارع المصري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق