الخميس، 15 مارس 2012

السياسة الخارجية لمصر بعد الثورة

(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

مضي ما يزيد عن عام علي الثورة توقعت و توقع الكثيرون تغيراً تاماً في السياسة الخارجية لمصر خلاله ، و مع ذلك فان و للأسف أري أن سياسة مصر الخارجية لم تتغير بالقدر اللازم الذي يعيد لها ريادتها في المنطقة و العالم.للأسف لم نتنص الفرصة الماسية التي منحتها لنا الثورة و بريقها العالمي ، في صياغة قوة ناعمة لمصر ، ووضع مصر في مكانة تستحقها في الوجدان العالمي.
بعد الثورة المصرية أمتد النبض المصري الثوري ليغذي بلدان العالم العربي ، و انطلقت الثورة في ليبيا و سوريا و البحرين (أخمدت نيرانها)،و اليمن.عندما كانت الثورة في ليبيا علي أشدها ، و عندما انحرفت نتيجة لديكتاتور مختل عقلياً في مسار أقل ما يوصف به الدموية ، لم تتدخل مصر بثقلها لتدعم الثورة الليبية و لو حتي بشكل سياسي أو دبلوماسي ، و تركت هذا الدور لدول عربية و أجنبية اّخري بحجة وجود عمالة مصرية ضخمة مهددة داخل ليبيا ، و لم تستطع مصر اجلاء كل الرعايا المصريين مثل دول اّخري.و وجد السياسيون في العمالة المصرية علاقة تخفف من و طئة الدور المصري المحايد في ليبيا ، و الذي كان يفترض أن يكون قوياً بسبب الثورة ، و بسبب التجاور الجغرافي.
و في اليمن و الاّن سوريا لم تحفل مصر بأي دور دبلوماسي يذكر في الثورتين و كان دعم تركيا و العالم الغربي و بعض الدول العربية التي لا تمت للديمقراطية أو للثورة بصلة أقوي بمراحل بالدور المصري المترهل.أريد أن أفهم ألا يدرك ساستنا معني مكانة مصر ؟ ألم يقرأوا (مجرد قراءة ) عن مفهوم القوة الناعمة للدولة ؟ هل مازلنا في جوف الكهوف التي وضعنا فيها مبارك حيث لا يكون بيننا و بين من حولنا أي علاقة تذكر ؟ ثم لماذا ظلت سياستنا الخارجية –شبه- تدافع عن النظام السوري حتي فترة قريبة ؟لماذا تأخرنا في أخذ موقف كموقف تركيا –علي الأقل- في دعم الثورة ؟ لماذا يصر صناع سياستنا الخارجية علي خيار المفاوضات مع النظام السوري مع علمهم أن النظام السوري لا يحاور الا نفسه؟
جزء أساسي من نمو نفوذ و قوة مصر الناعمة في عصر عبد الناصر كان نتيجة لدور مصر في دعم الثورات علي الأنظمة الملكية و الاستعمار ، و بهذا اكتسبت مصر دورها الريادي في المنطقة و العالم. ان نحن رفضنا أن ندعم الثورات التي استمدت أصلاً من روح ثورتنا ، فكيف سنجعل لنا مكانة تذكر في الوجدان العالمي السياسي و الشعبي ؟
ليس معني أننا غيرنا من سياستنا تجاه المصالحة الفلسطينية و تحولنا من طرف منحاز لطرف حيادي أننا غيرنا –و لو بشكل بسيط – من اتجاهتنا السياسية بعد مبارك، فحتي بعد الاعتداء الغريب من القوات الاسرائيلية علي مصريين –لا فلسطينين حتي- اكتفي ساستنا بابداء الأسف من اسرائيل ، و صبرنا طويلاً حتي تكرمت اسرائيل بالاعتذار لنا . الغريب أن هناك معاهدة سلام واضحة ، و أن الاعتداء لم يطل جندي واحد بالخطأ ،و لكن أكثر ، و أن الشيء الذاته لو فعلناه ضد جنود اسرائيلين لكان لعالم قد اهتز بقوع البركان الذي كان سينفجر علينا. و كأن الحادث حقاً مدبراً ، و مع ذلك فساستنا لم يلقوا بالاً لكرامتنا الوطنية ، و حجم تأثير صمتهم حيال الحادث علي مكانة مصر العالمية و كبريائها.
و لم يحاول ساستنا استغلال الثورة بتاتاً كواجهة لمصر ، و لم يحاولوا تضخيم الثورة (التي هي ضخمة أصلاً) ، و جعلها دليل علي دعم مصر لقيم الحرية و الديمقراطية و عداء مصر للديكتاتورية و الشمولية . أمريكا التي لا تمتلك ربع الثورة المصرية تضخم من دورها في دعم الديمقراطية ( الكاذب) كواجهة لها ، بينما ساستنا تناسوا الثورة تماماً ، و لم يفعلوا أي شيء يذكر ( و لو حتي القاء خطبة ) عن أن توجهات مصر القادمة (بعد الثورة ) ستكون طبقاً لدور ريادي حيادي لدعم الثورة و الديمقراطية و الحرية كقيم أرثتها الثورة المصرية .
لا ألمس تغيراً يذكر في مسارنا السياسي الخارجي بعد ما يزيد عن عام علي الثورة ، و أظن أننا ان لم ننتبه قريباً للفرصة التي منحناها من الثورة ليكون لنا دور ريادي اقليمي و عالمي ، فلن نتمكن من استعادة ريادتنا الضائعة التي تستحقها مصر.و لن يكون استغلالنا لفقرصتنا الماسية الا بدعم الثورات ضد الديكتاتورية و القمع في العالم بأكمله ، و اعلان سياسة خارجية جديدة قوامها قوة مصر و قيمها الديمقراطية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق