(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
اني حزينة لموته جداً ، حزينة ؛لأني كنت احترمه و أحبه . كان بالنسبة الي رمز لبقاء روح تعرف معني الوطن. لم أكن أتفق معه في كل اَرائه ، و لكني كنت أقدرها و أتفهمها. كنت أحبه ؛لأنه كان يحب بلادي بصدق ينفذ الي قلبي و أشعر به.رحل و حزنت ، و مازلت غير مستوعبة لرحيله تماماً ،و لكني أظل أحبه و احترمه .
من يعرف تاريخه منذ الفتنة الطائفية في عصر السادات و حتي القديسين يحترمه و يحبه و ربما ينبهر به. بقوته و موقفه الصلد ضد السادات، و بعد ذلك رفضه الحج الي بيت المقدس حتي يتحرر من الاحتلال الذي يدنسه . برقته و طيبته في كل الماّسي الدموية التي مرت بنا و التي تنبثق من أقصي درجات الظلم و الكراهية و و الحقد علي الاّخر .واجه الدماء بالتسامح ، و واجه الغضب بالصوم.و امتص غضباً و شذراً يحطم الجبال ، و صبر حتي علي رؤية أبنائه يقطعون أمامه و تسيل دماؤهم كالبرك في شوارع أرض الكراهية.
لم يملك شيئاً و حمل كل شيء.أراد نظام تلو الاّخر أن يفسد و يدمر حياة شعب ، و يحوله الي مسوخ أرواح تتغذي علي البغض ، ثم يعود ليلقيهم الي رجال الدين ليشربوا هم ثمن خطاياه.و منهم كان ، بل علي رأس رجال الدين الذين حملوا خطايا النظم حمل و عاني ،و هو لا يملك وحده أبداً تنقية قلوب جفها البغض الشنيع الذي زين بلون الدماء .
" مصر وطناً يعيش فينا لا نعيش فيه ".
حقاً حيت فيه ،لا حيا فيها. أحبها بصدق و لذلك تحمل و قاسي ، و لذلك عرف كيف يتحمل و يمضي فيها يحارب شبه وحيداً لأجلها وسط أرض معركة غير مواتية له ، و مناسبة تماماً لكل من عادي الحب و توحد مع الكراهية ، كل من اختار بيع كل شيء باسم الدين ، و في منتصف ما باع كانت مصر .
الاّن يرحل و يتركها و يتركنا. يرحل و هي مازالت تعيش فيه ، و تحبه ،و لا أظنها ستنساه قط ،أرضه التي عاشت فيه حتي النهاية ، حتي أنه لا يفارقها حتي بعد أن انتهت الحياة.
أودعه ، و مازلت أشعر بالحزن ، و لكني أعلم أنه لم يتركنا تماماً مازال موجوداً ان أردنا أن نذكره دوماً . و لا أظنه كان سيكون حزيناً ان نحن تطهرنا من كراهية تحيا فينا و تسامحنا و طهرنا بلادنا من أثر الدماء التي تنبعث من البغض. لم يكن ليكون حزيناً ان نحن أحببنا بعضنا و عدلنا مع بعضنا ، لم يكن ليكون حزيناً ان حيت داخلنا لا حيينا نحن داخلها.
أظنها كانت ستكون رسالته الأخيرة ان كان له أن يرسلها لنا :" أحبوا بعضكم ، تسامحوا ، و لتحيا دائماً مصر داخلكم ، لا أنتم داخلها."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق