(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
بلغت صغيرة جداً ما بعد التاسعة بقليل .كنت صغيرة لا تفهم شيئاً، كنت حمقاء سعيدة بشعور الزهو بأني الأكبر في عمري ، و من الجيد أنني لم أبقي عمياء طويلاً و سرعنما أدركت أنني لست محظوظة ، و أنما أظنه نعمة هو أبهي النقم.لم أكن أفهم الكثير و عرفت الكثير ( أو ما ظننته في تلك السن كثيراً ، و ما هو الا أقل القليل) .ليس مهماً كل هذا و لكن المهم هو البذرة التي زرعت داخلي منذ الطفولة و هي بذرة الذل ، بذرة كوني قفلاً.
كانت أمي و أنا ما أزال في التاسعة تشرح لي ما هو غشاء البكارة و ما هي العذرية ، و أذكر كلماتها العادية الجارحة لي . كيف قالت لي ما يقوله الجميع أنني ان خسرت ذلك الغشاء الرقيق لن أتزوج و بين الكلمات كنت أقرأ كلمات أخري . كنت أقرأ بين السطور أنني لن أخسر و حسب فرصتي في الزواج بل ربما حياتي ذاتها أو معناها.
شعرت بالذلة و المهانة داخلي ، شعرت أنني لا أساوي شيئاً ، لم أكن أريد الزواج ؛لأني لم أكن أريد أن أمنح غشاء بكارتي لأحد ، ولأن الأمر (مجرد التفكير فيه) يجرح كرامتي.ان كنت أساوي غشاء بكارة ،ان كانت عذريتي بهذه القدسية فلم أكن أريد أن أمنحها أحد ، حتي و لو بالزواج .تحول غشاء البكارة بالنسبة الي قيمتي و كرامتي .
كنت أتعذب ، كنت خرقاء ، و لكني لم أكن وحدي هكذا ، كل المجتمع هكذا.كل المجتمع يعتبر المرأة جسد و حتي ليس جسداً كاملاً بل غشاء بكارة لا أكثر.لماذا يهيج المسلمون عندما ينتشر قيديو لمسلمة تعاشر مسيحي ؟لأنها غشاء بكارتهم ،لأن غشاء بكارتهم فضه مسيحي .لماذا يغضب الأب من ابنته المغتصبة بدل أن يحن عليها ؟ لأنها مجرد غشاء بكارة و قد فقدته ، -لا يهم كيف - و لكنها فقدته ، فلم يعد لها قيمة .
كنت قد نسيت كل هذا ،و قررت منذ زمن أنني لست غشاء بكارة و أنني ان اخترت ألا أزني ؛فهذا لا علاقة له بالمجتمع أو بنظرته لي و الأهم ليس له علاقة بغشاء بكارتي.كنت قد قررت أني انسان بكل ما فيه ، من مشاعر و روح و وجدان و عقل و قلب و جسد و لست أبداً جسدأً وحسب. كنت قد قررت أن لدي كرامة ، و لست شيكولاتة يأكلها الرجل ان كانت ملفوفة و يرميها ان كانت مفتوحة.قررت أني انسان ، لقد خلقت انساناً و لم أخلق جسد جامد ممتع و مثير. عندما قررت ذلك، أقفلت علي جرحي قلاعاً حصينة تخترق حصانتها بين الحين و الأخر . و لكن اليوم فتح باب القلعة و عادت لي ذكريات اّلامي . و عدت لأواجه حقيقة أنني مهما حاولت و مهما عافرت سأظل أمام المجتمع غشاء بكارة لا أكثر.
اليوم كنا نتحدث في الحصة عن الزنا و مفهومه و هل هو صواب أم خطأ ؟و خطأ لماذا؟ دار جدال في الفصل ، قالت فيه المعلمة ( التي تقول دائماً أنها مدافعة عن حقوق المرأة)أن المرأة تخسر كرامتها ان زنت ، و أن الرجل في أسوأ الأحوال سيقال عنه أنه زير نساء ، حتي في المجتمعات الغربية ، المرأة التي تعاشر رجال كثيرين يقال أنها داعرة أما الرجل فمجرد زير نساء. قلت أن هذا خطأ و أن الرجل الذي يعاشر نساء كثيرات يتحول لكلب لا أكثر عبد لغرائزه. فقالت فتاة أو ربما المعلمة –لا أذكر- أن المرأة تمنح نفسها للرجل ، فقلت أن الرجل يمنح نفسه أيضاً و يتحول لحيوان يبيع نفسه لغرائزه.ذكرت فتاة اّخري أنها قرأت مقالاً يبرر نظرة المجتمع للرجل الزاني علي أنه ماهر في ايقاع النساء و المرأة الزانية علي أنها حقيرة ،بأن الرجل مفتاح و المرأة قفل ؛ المفتاح الذي يفتح كل الكوالين مفتاح رائع بينما القفل الذي يفتح بكل المفاتيح قفل ضعيف.
الاّن و أنا أكتب تذكرت المثال المنتشر علي الفيسبوك بأن المرأة المحجبة كالشيكولاتة المغلفة و السافرة كالشيكولاتة المفتوحة ، و الرجل الطبيعي سيختار الشيكولاتة المغلفة التي ستفتح خصيصاً لأجله.ما كل هذا الامتهان ؟ ما كل هذا الاذلال ؟أنا لست قفلاً يفتحه الرجل ، أنا لست شيكولاتة يأكلها الرجل. أنا انسان .أقسم أني انسان.أقسم أني أحس و أنني مجروحة الاّن في كبريائي و كرامتي اللذين أمتلكهما ؛لأني انسان بقلب و روح ، مثلما بجسد.لماذا لا يعتبر الرجال أقفالاُ تفتحها النساء؟ لماذا النساء هي الأقفال؟ لماذا ليس الرجال حلوي تلتهما النساء ؟ لماذا النساء هن الحلوي التي يختار بينها الرجال حسب التغليف و الطعم ؟
لماذا لا يفكر أحد أن الرجل الذي يدمن الجنس يتحول لحيوان ؟ لماذا يؤثر الناس ذلك الحيوان علي المرأة التي خسرت عذريتها حتي لو اغتصبت؟ هل المرأة ليست سوي غشاء بكارة فعلاً ، فهي بذلك جسد جماد لن يساوي أبداً الرجل حتي و ان كان حيواناً عبداً لغرائزه ؟
أنا لا أريد أن أحيا غشاء بكارة .لا أريد أن أكون شيكولاتة يستلذ أحد بمذاقها. لا أريد أن أكون كالوناً يفتح . أنا انسانة لها حق الحياة . أنا انسانة يحق لها أن تكون وجداناً و قلباً و روحاً . أنا انسانة يحق لها أن تحيا بكرامة و عزة و شرف.كل امرأة انسانة يحق لها هذا . ليست المرأة غشاء بكارة ، ليست المرأة شيكولاتة ، ليست المرأة كالوناً ، انها انسانة.اني انسانة ، و أؤثر الموت علي أن أكون شيئاً أخراً . و حتي لو راّني الجميع كالوناً أو غشاء بكارة أو شيكولاتة ، فلن يغير ذلك شيء في سأظل أؤمن أني انسانة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق