(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
مرة أخري نصمت ،وربما نزغرد لموقف الأزهر و الكنيسة .مجدداً يتلاعب الحكام بورقة الدين عندما لا يجدون في حوزتهم أي أوراق سياسية.لا نتعلم الدرس ،ندور في حلقة مفرغة ، لا نعتبر لأننا يبدو أننا لسنا من أولي الألباب. نظل كما نحن و ان تحركنا نعود للخلف.متي نبصر الحقائق أمام أعيننا ؟لا أدري ، متي نتعلم من أخطائنا و خطايانا؟لا أعرف
في عصر مبارك عندما أراد مبارك أن يحصل علي ختم يجيز مرور ابنه من البوابات الحديدية الي الكرسي الذهبي للحكم ،حصل علي ختم الهلال و الصليب ، فتوي صغيرة (كلمة) من الأزهر و أخري من الكنيسة . ظن مبارك أو المخططون الأخرون أن الختم الذهبي للهلال و الصليب يكفي لمرور البوابات الحديدية الي كرسي العرش ،و لكنهم كانوا خرقاء ، فلا ختم يمرر حاكماً الا ختم الشعب –حتي و ان كان الختم ،مغروساً في حبر قوي صادر من أقوي المؤسسات الدينية في البلاد.
لم نتعلم الدرس من مبارك ، و صرنا نقف علي الأبواب سائلين الختم الذهبي ذاته ،هذه المرة لنمرر مشاريع قوانين و دساتير و لنبارك مرشحي الرئاسة و لنوحد القوي السياسية المتناحرة التي لا تجرؤ أن تعصي أمر تلك المؤسسات الدينية التي تأخذ منها البركات .و أخيراً صار العصيان المدني يحرم بختم علي ورقة فتوي صغيرة من الأزهر و من الكنيسة.
ليس الموضوع هو رفض العصيان المدني أو قبوله ، و لكن القضية هي قدرة المؤسسات الدينية علي الافتاء في وجهة نظر سياسية بحتة.الموقف ذاته الذي أخذه الأزهر بتحريم مقاطعة الانتخابات في عصر مبارك .لم يكن الأمر فقط أن الأزهر وقف في صف نظام فاسد ، و لكنه أن الأزهر أخذ موقفاً في قضية سياسية لا يفقه رجاله شيئاً فيها.قال الأزهر أن الانتخاب واجب ديني و أغفل أن المقاطعة موقف سياسي لتحدي نظام مزور .رجال الأزهر و الكنيسة ليسوا رجال سياسة و لا يفقهون في دروبها شيئاً ،و ليس معني أنهم قرأوا جرائد أو كتابين في السياسية أن يحق لأحدهم أن يصدر فتوي ذات بعد سياسي . وحتي ان كان رجال الأزهر و الكنيسة دارسين للسياسة فهذا ان كان يخولهم اصدار أراء سياسية ، فهو لا يعطيهم الحق في اطلاق الفتاوي التي تحرم رأي سياسي أخر .
و سأعود لأدق (ناقوس الخطر) ،رغم أني أكره هذا التعبير و لكني الاّن يجب أن استعمله .فعلاً نحن في خطر حذرت منه من قبل في مقالي (الدور السياسي للأزهر) و سأعود لأكرر تحذيري مجدداً.اذا ما توحش الأزهر و الكنيسة و صار لهما دور سياسي حقيقي كلاعبان قويان في الحلبة السياسية فهذا سيكون ايذان بقيام الدولة الدينية في مصر.ان كان المجلس العسكري الاّن يستخدمهما في جمع القوي السياسية أو في ايقاف العصيان المدني ، فغدا قد يستخدمهما الأحزاب و القوي السياسية في مهاجمة بعضها و تكفير المعارضين.و من يدري قد نجد شيخ الأزهر أو البابا يوماً ما يساند طرف سياسي علي حساب اخر ، وربما تصير للأزهر أو الكنيسة ( كلمة )أقوي من كلمة أقوي التيارات السياسية ، و ربما تصير (الكلممة)الأزهرية أو الكنسية مغشية من البرلمان و من المؤسسة الرئاسية.
أنا لا أتحدث هراءاً أو خيالاً أو أشياء شديدة البعد عن الواقع المصري.المصريون يعشقون ذوي الممكانة الدينية و يقبلون أيدي كل شخص يرتدي عباءة الدين .أنا لا أهين شعبي الذي أنا منه ، و لكني أذكر الواقع ، و لسنا وحدنا هكذا ، غيرنا كثيرون.و تاريخنا من عصر حكم الفراعنة حتي الاّن(و من ضمنه العصور الاسلامية) شهدنا رجال دين كثيرين يتلاعبون بالسياسية و يكفرون تيارات لحساب أخري ، و يلعبون دوراً قوياً يرتعب منه الحكام و يصيرون حكاماً في بعض الأحيان .ربما لا يصل الأمر في القرن الحادي العشرين أن يحكمنا أحد من رجال الدين و لكن مؤكد أنه قد يصير للأزهر و الكنيسة و رجال الدين المسلمون و المسيحيون دور شديدة الضراوة في اللعبة السياسية يكفي للاخلال بميزانها و ترجيح كفة قوي و حكام عن طريق التحريم و التكفير.
و أخيراً تبقي حقيقة أن الحكام و القوي السياسية عندما يلجأون للمؤسسات الدينية فهذا دائماً نتيجة عجز و نقص في الأوراق السياسية و فشل منقطع النظير في حل الأزمات الطرق الصائبة.فلو أن نظام مبارك لم يزور الانتخابات فلم يكن ليحتاج ختم الأزهر علي فتوي تحريم مقاطعة الانتخابات ، و لو أن المجلس العسكري نجح في ادارة الفترة الانتقالية بالطريقة المثلي أو حتي سبيل يربو علي السبيل القويم لما احتاج المجلس العسكري اليوم فتوي تحريم العصيان المدني.و لو أن القوي السياسية الاسلامية تملك برامج حقيقية سياسية و اقتصادية و اجتماعية لنهضة مصر لما احتاجت اللعب علي الأوتار الدينية الضعيفة لدي المنتخب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق