(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة )
ما هو مصدر المبادئ ؟ هل هو الدين؟ هل هو العرف و العادات و المجنمع؟ هل هو أفكار و أخلاق المرء؟أم هو مزيج من كل هذا؟أغلب الناس -في اعتقادي- يكون معيار الصواب و الخطأ لديهم المجتمع بعاداته و تقاليده ،حتي من يدعون التدين بدليل أن الموروثات الخاطئة للمجتمع قد تعلق في الدين و هي لا تمت له بصلة .
الرشوة مثلاً يرفضها الدين و لكن يعتادها المجتمع و يقبلها أشد المدعين التدين ،بل ان البعض أدخلها في الدين و قال أنها صدقة!الغش مثلاً حرام و يخالف الضمير الحي لأي انسان حتي بدون دين و لكنه صار ثقافة و يشجع أشد الاّباء تديناً و مبادئاً أبناءهم عليه و بعضهم يعتبره عدالة!حتي النفاق يمكن أن يحوله المجتمع الي مجاملة و احترام .باختصار قوة المجتمع لتغيير وعي و ضمير الفرد و تلوينه بلاحدود ،و لذلك من يتخذون المجتمع و احترامه معياراً لمبادئهم يخدعون أنفسهم قبل الجميع.
يمكنكم أن تحصدوا احترام من حولكم و أنتم تفعلون كل الخطـأ . يمكن لفتاة أن تحصد احترام من حولها بحجاب ترتدي فيه قميص يصف جسدها.يمكن لموظف أن يفوز بالاحترام بالصلاة و اطالة ذقنه و لا تنقص الرشوة التي يتلقاها من احترامه شيئاً ؛لأنها ليست خطأ في نظر المجتمع. يمكن لمعلم أن يحصد حب و احترام أولياء الأمور و الطلاب ؛لأنه يسرب لهم الامتحانات.يمكن لبائعة أعشاب مزيفة أن تتملك كل الاعزاز و الحب من الفقراء ؛لأنها تعطيهم دواء مزيف كبديل للدواء الغالي .
النماذج كثيراً و لكن الحقيقة التي أريد ايصالها أن الضمير الجمعي ( ضمير المجتمع) يلوثه كل شيء ، و ينقيه أيضاً أي شيء.العادات \ن التقاليد ، الدين أحياناً ، الوعي قليلاً، الظروف الجتماعية و الاقتصادية غالباً ، و الاستعمار و الغزو الفكري غالباً.هذا ضمير مزيف لا يصلح ميزاناً أو قاضياً نحاكم به أنفسنا ، فهو ميزان مختل و قاضِ منحاز.
ما هو الشرف ؟ اجابة هذا السؤال هي الأهم في الامتحان . كلما كانت اجابة هذا السؤال أصدق كلما كانت المبادئ أصح . مفهوم الشرف هو معيار المبادئ . من يملكون ضميراً واعياً يحاكمهم بعدالة يعرفون معني الشرف جيداً.و من لا يملكون ذلك الضمير كلمة (شرف) لديهم بلا معني . ما هو الشرف بالنسبة لمجتمعنا؟ متي نسمع هذه الكلمة أصلاً في الفن ؟ أغلب المرات التي وردت فيها هذه الكلمة في الأفلام مثلاً كانت تشير الي المرأة ، الي غشاء البكارة،لا الي المبادئ.و كأن المجتمع لا يري شرفاً أصلاً في شيء اّخر ، يبرر للمرتشي الرشوة بسبب فقره و لايبرر للداعرة بيع جسدها لذات السبب.الأمر يوضح اختلال القيم و ازدواج معايير وعينا و ضميرنا الجمعي . السبب أننا لا نري الرشوة جريمة شنعاء يباع فيها شرف الوطن للفساد ، ولكننا نري الدعارة كذلك.
ألا يثبت هذا أن الضمير الجمعي لا يصلح لمحاكمتنا ؟ ألا يثبت ذلك أن مبادئ المجتمع لا تنفع معياراً نقيس عليه أفعالنا و أقوالنا ؟أليس كل هذا برهاناً علي زيف الشرف الجمعي ؟
أنا لا أحقر المجتمع المصري ؛ فبامكاني ذكر نماذج اّخري من كجتمعات اّسيوية و أوروبية لديها تشوه بشع في ضميرها الجمعي تبرر به جرائم و لا تقبل به اّخري ، ولكني أريد أن أريكم أن المبادئ لا يجب أن تحاكموها بمكاييل المجتمع للصواب و الخطأ.
اذاً أي ميزان يصلح لنختار به مبادئنا و شرفنا؟-في رأيي- وعينا و فكرنا وديننا بعد التفكير، ليس لأن الدين -و العياذ بالله- ناقص ، و لكن ؛لأن فقه الدين فيه أراء أناس كثيرين قد يكونون-لأنهم بشر- مخطؤن و قد يكون وعيهم الجمعي أيضاً متأثر بالمجتمع الذي خرجوا منهو االبيئة السياسية و القتصادية التي عاشوا فيها.و أي انسان يفكر و يستعمل العقل الذي منحه ربه سيجد الحقيقة مهما تخبط ذات يوم ، و الحقيقة التي نبحث عنها هنا هي المبادئ.
الضمير الحي سيجعلكم ترون الصواب و الخطأ بوضوح بشرط واحد أن تحرروه .الضمير يسجنه أن يفرض عليه قسراً فكر المجتمع ، و الأراء الدينية المخالفة له-مثل الأراء المتشددة اليهودية التي تعتبر قتل غير اليهودي لا يساوي شيئاً ، وهناك أراء مسلمة تري أن حياة غير المسلم أقل قيمة من حياة المسلم-و هوي الانسان. ان كنتم تريدون تحرير ضميركم و رؤية الحقيقة اجعلوه يختار ،يقول لا ،يقولها للهوي و رغبة ، للمجتمع،للأراء الدينية التي يدوس عليه، لأي شيء يلوثه و لو للحظة.
الطفل الصغير قبل أن نعلمه الصواب و الخطأ، الحلال و الحرام ،يرفض أن يقتل ذبابة و يرانا قاتين عندما نقتلها ، لماذا ؟لأن الله-عز وجل - بحكمة خلق له الضمير كفطرة صادقة بريئة لم تلوث بعد، و نحن من نلوثها بالتدريج عندما نقول له أن يخبر من علي الهاتف مثلاً أننا لسنا موجودين و نقنعه و نزيف ضميره و نلوثه بأن هناك كذب أبيض و اّخر أسود.
الضمير الصافي هو صوت الله فينا الذي يرينا الطريق ان لم نلوثه أو نغتاله بأيدينا .لو أرادتم أن تستمعوا لي أو أقنعكم كلامي فجربوا أن تحاكموا أنفسكم بالضمير وحده و هو يقظ بدون أن تعطوه أي مسكنات بصورة حجج واهية ، و ثقوا بي انه حقاً يكفي ان كان حراً قاضياً عادلاً ، و معلماً و مربياً يرشدكم لتروا بوضوح المبادئ ،الصواب و الخطأ ، الحقيقة.ليس المهم أن تتمكنوا من السير وراء الصواب طوال الطريق ، و لكن المهم أن تروا علي الأقل أغلبه .لا أدعي أني لا أخالفه أبداً و لكنه دائماً أمامي لأعرف أخطائي و صوابي، و لأعرف الطريق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق