الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

اختيار الهدف و الحلم

(هذها المقال بقلمي لا بقلم الطفلة)
أغلب الناس يضيعون عندما يأتي الأمر لاختيار هدفهم و حلمهم في هذه الحياة.مشكلة البعض تكون ايمانهم بأن هناك مستحيل ، و مشكلة البعض الاّخر أنه لا يدرك ماذا يحب، و هذا أيضاً سببه الايمان بوجود المستحيل كالحائط المنيع العالي المحصن بالاسلاك الشائكة و الدبابات الذي يستحيل اختراقه و الذي مهما كانت قوتنا و مهما حاولنا صعوده فسنسقط.
هذا هو العجز و الضعف الحقيقي ، ليس الضعف ألا يكون لدينا القوة لاختراق الحوائط و الحصون و لكن قمة الوهن هي الايمان بعدم القدرة علي التجاوز.ما هي أحلامكِ أو أحلامكَ؟ بماذا كنتِ أو كنتَ تحلمين أو تحلم أيام الطفولة؟ لو كان الحلم مجنوناً و العقل كان تركه و البحث في طريق اّخر ، فلنختار الجنون.ليس كلامي مثالياً و لكنه يزن الأمور بمنطق مختلف.مثلاً كانت لدي صديقة تحلم بأن تصير رائدة فضاء و لكنها ألقت هذا الحلم خلفها و قالت أنها في مصر لن تحققه أبداً.ربما تحكمون أنها محقة و فعلت ما هو موضوعي، و لكن "لا" هي لم تحاول أصلاً ،لم تحارب ، لم تحاول أن تتجاوز خط برليف المنيع الذي يسمي المستحيل ،لم تجرب أن تدرس الفلك و تحارب لأجل أن يكون في مصر رواد فضاء. هل ستقولون أن هذا فوق طاقتها؟ لا ،هذا هو هدف مقالي أصلاً ، هدفه أن تختاروا هدفاً و أياً كان حتي و ان كان المستحيل عينه ألا تقولوا أنه خارج نطاق طاقتكم و أنه سراب أو وهم.
عندما كنت طفلة حلمت بأن أكون كاتبة و أحصد نوبل ، حلمت أن أكتب رسوماً متحركة أحيا فيها.لا أنكر في وقت استسلمت لا لأن أكون كاتبة و لكن لأكتب رسوماً متحركة ، بصراحة تأثرت بالمجتمع ،بفكرة أن الرسوم المتحركة التي ربتني و تربيني حتي الاّن كلام فارغ.كنت خرقاء سرت طويلاً في طريق خطأ مزيف منافق ليس بطريق حلمي ،لافيق فجأة علي الحقيقة ، لمت نفسي ، و لكني سعيدة أني أفقت قبل فوات الأوان.من حولي لا يؤمنون بأن الرسوم المتحركة-كما في اليابان- قد تكون أقوي من كل وسائل الاعلام حتي للكبار ،من حولي يقولون أني لن أصل الي هذا السراب و لكني أثق أني سأصل و لن أكرر خطيئتي مرتين.
أريد منكم أن تعودوا الي الوراء .ماذا كان الحلم ؟ هل كان فعلاً حلم أطفال و تافه ؟ هل كان حقاً محالاً؟هل مؤكد لا يمكن بلوغه؟ أشك ،أكاد أجزم أن لا شيء لايمكن بلوغه و أنه لا يوجد مستحيل في هذا العالم.و لكن يجب أن تجدوا بأنفسكم تلك الاجابة،حتي لا تكون كلاماً انشائياً أقرب للوعظ الخرافي.
هناك نساء حلمن بأن يصرن ضابات و تركن هذا الحلم عندما وجدوا أن القانون لا يسمح اجحافاً بذلك( كان بامكانهن أن يرفعن قضايا للحصول علي حقهن في العمل كشرطيات).هناك كثيرون حلموا بأن يصيروا علماءاً و يخترعوا و يقاوموا أمراضاً و تخلوا عن هذا الحلم بحجة أن البحث العلمي في مصر متخلف أو اختصروا الطريق و ذهبوا الي الشمال بتذكرة ذهاب فقط (كان بامكانهم أن يدرسوا بالخارج و يعودوا ليحاربوا في وطنهم حتي النهاية و يصنعوا الكثير داخله ك(لطفية النادي).هناك من حلموا بأن يصيروا قادة و زعماء و داسوا هذا الحلم عندما رأوا حكامنا الأفاضل يدوسون أحلام الجميع بأحذيتهم و يحتكرون القصور حتي لا تطأها قدم يظنونها نجسة و هي أطهر منهم(بامكانهم أن يصيروا قادة الاّن بعد أن أسقط الطغاة و لكن كان الأقوم أن يسقطوا الطغاة علي طريق أحلامهم) .هناك من حلموا بأن يكونوا فنانين و أدباء و ألقوا هذا الحلم وراء ظهورهم ؛لأنهم استسهلوا أن يتحججوا بأن الانتاج في مصر لا يكون الا ببيع صورة من صور الشرف ( كان بامكانهم أن يظلوا يكتبون أو يمثلون أدواراً ثانوية أو كومبارس و يطورن من دلراستهم و مهاراتهم و لا يفقدوا الأمل أبداً).و هناك من رمو أحلامهم البسيطة علي قارعة الطريق ؛لأنهم أقنعوا أنفسهم أنهم أدني من الوصول اليها( كان بامكانهم أن يتحدوا عجزهم و يعملون بجد و بدون كلل مهما كانوا ضعفاء ).
لاٍ،أعذروني ،و لكني أغضب بغبائي و كبريائي الأحمق ممن ترك الأحلام ،التي تخليت عنها نفسي ذات يوم و لا استحق أن أطلب من أحد أن يتشبث بها ، حتي أثبت أني بلغتها بدون يأس و قنت . و لكن لأجلكم لا لأجلي ، استمعوا الي و حاولوا أن تجدوا هدفكم الذي حتماً تعرفونه داخلكم في مكان ما . قد يكون حلم الطفولة ، قد يكون عمل سيء تحبونه ، قد يكون بسيطاً جداً كأن تكونوا عائلة هانئة ، قد يكون غريباً أو يوصف بالجنون ،و لكنه حتماً موجود و مؤكد هناك صراط مستقيم اليه. و أنا أؤمن أن الطرق المعوجة لا توصل الي حلم صادق راقٍ مطلقاً و ان فعلت ، فسيتحطم ذات يوم أمام العين.
هل يجب أن يخدم الحلم المجتمع؟ يجب،و لكن ليس بالمفهوم الضيق.الصواب أن نفكر فيما نحب و نريد ثم نطوعه لخدمة من حولنا. ان فعلنا العكس سيكون هناك زيف في الأمر و أي شيء زائف مضر حتي و ان كان علي أساس صحيح.و ان لم نحاول تطويع حلمنا لهدف أوسع من نطاقنا الضيق سيكون حلمنا ضغيراً مهما كان كبيراً ، و سنتحول الي الانانية تدريجياً و من المحتمل أن نضحي لأجله بمبادئنا و ندوس كي نحققه علي من حولنا جميعاً. كل الأحلام الشخصية يمكن أن تفيد غيرنا أياً كانت بشرط أن نريد فعلاً أن نعطي شخص أو كيان اّخر.حتي لا يكون كلاماً مرسلاً سأذكر نماذج.
مثلاً ان كان الحلم افتتاح مطعم سمك عالمي. أول شيء سيجعل هذا المطعم المصري للسمك سمعة جيدة لمصر في العالم و يساعد في تقوية قوتها الناعمة و نشر الثقافة المصرية ، علاوة علي تقدميه طعام جيد للناس.مثلاً ان كان الحلم تكوين أسرة ، فبلا شك سيجعل ذلك نواة المجتمع أفضل ، و سيجعل لدينا مجتمع دافء مصري.لو كان الحلم هو امتهان الطب ، فحينها سيكون هناك طبيب أوطبيبة يحقق أو تحقق الشفاء-باذن الله –للناس.
البعد الاخلاقي للحلم محوري . لا يمكن أن يكون الهدف مثلاً الوحيد لصاحب محل السمك أو الطبيب أو المحامي تحقيق الربح ،يجب أن يكون هناك هدف نبيل مثل تقديم الطعام للناس نظيفاً أو شفاء المريض أو نصرة صاحب الحق أو تحقيق العدالة.لا يمكن أن يكون هدف الفنان الشهرة فحسب بل يجب أن يكون لديه رسالة أخلاقية يقدمها أو هدف بنشر الثقافة المصرية.حتي الراقصة التي يحتقرها المجتمع ان كانت ك(تحية كاريوكا) لديها فكر سياسي ناضج أو رؤية لنشر الثقافة المصرية كمؤسسة فرقة رضا، يمكن أن تقدم فناً راقياً ينشر الثقافة المصرية و لا يحط من قيمة الفن الشعبي المصري.
أخيراً و ليس اّخراً المشاعر.الفرق بين الحلم و الهدف أن الهدف هو ما نريد بدون حماسة أو مشاعر الارادة البريئة التي تحمل طعم الطفولة و لذتها، بينما الحلم هو الهدف اضافة الي هذه المشاعر الصادقة.من أين نأتي بهذه المشاعر و حولنا اّلافاً مؤلفة من البشر يقولون لنا أن ما نريده لا يعدو كونه سراباً نراه كعطشي في الصحراء؟ من أين نأتي بهذه المشاعر و نحن محاطين باليأس النابض بالبرودة في كل اتجاه كأنه يطاردنا و يحاول اقتناص الفرص لقنص أهدافنا؟من أين تأتينا تلك المشاعر في مجتمع و بين وضع سياسي خانق يكبس روح التمرد و الحماسة؟ من أي بابٍ تدخل و كلها موصدة بخرافات وجود المستحيل ؟ لن أكذب عليكم ، أنا أكتسب هذه المشاعر من الرسوم المتحركة اليابانية .قد أبدو منافقة أدعو للمجابهة بمصر و الايمان بالهوية و اكتسب الطاقة لأحارب من مشاعر تبث من رسوم متحركة يابانية ،و لكني كما أدرس في دبلومة انجليزية أؤمن بأن كل ما يعطينا قوة لأحارب في بلادي أتقبله ؛لأني به يوماً ما سأرد الجميل ،و سأصنع رسوماً متحركة مصرية من تراثنا و تاريخنا نحتل العالم ،و لأني بهذا العلم و هذه الطاقة سأبني مصر جديدة أرضاً للأحلام لا تربة تغتالها.و لكني الاّن –و بعد كل هذه السنوات- تكون في لا وعيي ايمان يقيني ببلوغ الأحلام يعطيني الدفعة لأمتلك المشاعر و أحارب من أجل الأهداف.أعتقد أنه داخلي و داخل كل مخلوق أبدعه الخالق –عز و جل- تكمن هذه الارادة ،ارادة كقوة دفع صاروخية تدفع أهدافنا بقوة المشاعر لتصير أحلاماً ثم تدفعها مجدداً لتخترق حوائط المستحيل الهشة التي تبدو فولاذية.
لدي طلب أخير منكم ، لا أدري أن كنتم ستلبونه أم لا .أريد تعليقاً علي المقال فيه حلم كل واحدة أو واحد قرأت أو قرأ المقال و معه كلمتين اثنتين اما " سوف أحققه " ،أو " لن أحققه".و شكراً لكم في كل الأحوال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق