الاثنين، 13 نوفمبر 2017

الانتصار الأكبر للنظام القمعي الاستبدادي: تحويل المعارضين لمستبدين

      (هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

        يحب معارضي النظام الحاكم انتقاد ومواجهة الديكتاتورية القائمة، وقمع الحقوق والحريات، وهرس حقوق الأقليات مدعين أنهم يدافعون عن العدل والمساواة والحرية. ويحب الإسلاميون منهم الإدعاء بأنهم يدافعون عن الحق، وحكم الله، ويحب الليبراليون، واليساريون الإدعاء بأنهم يدافعون عن المساواة و الحرية.

       لكن إذا ناقشت أكثر أفكارك إن كنت يساريا أو ليبراليا فقد تجد ميلا للانقلاب علي هذه الأفكار في حالتين؛ الحالة الأولي إذا كان هذه بخصوص حقوق مجموعة تؤمن أنها مخطئة مثل العاملات في الجنس مثلا، والحالة الثانية إذا افترضت وجودك في السلطة وتتعامل مع حقوق أفراد النظام القائم أو حقوق الإسلاميين. وقد تجد لديك ميلا للإعجاب بأفكار نتشه أو لينن أو شميت أو أتاتورك أو إعجابا داخليا بنموذج الإتحاد السوفيتي أو ألمانيا الشرقية، وقد تري أن أفكار نتشه أو لينن أو شميت أسيء تطبيقها لكنها يمكن أن تطبق بصورة صحيحة لا تجعلها تحيد عن طريقها المستقيم.

              وإذا واجهك أحد بأن هذه الشخصيات والنظم والأفكار تتعارض مع قيم الحرية، والمساواة التي تدافع عنها، فسترد أن قيم الحرية والمساواة تحتاج لنظم تحميها وتفرضها. وإذا ضغط عليك محاورك في النقاش، فستخرج ما بداخلك ويكمن خلف دفاعك عن هذه الأفكار.  ستواجه محاورك بالسبب الحقيقي خلف إنقلابك الداخلي علي هذه الافكار. ستخبر محاورك عن الفشل الذي تعرضت له هذه الأفكار في الثورة أو عن الظلم الشخصي الذي تعرضت له وتعرض له من تعرفهم وأمنوا بهذه الأفكار حتي النهاية.

             يؤلمني أن أغلب من يدعون مهاجمة هذا النظام إما يؤمنون بالحكم الإسلامي القمعي لكل ما هو مناقض للإسلام أو يؤمنون بالحكم اليساري القمعي. كثير من اليسار والليبراليون لا يؤمنون حقا بمبادئهم. هم مثل النظام يؤمنون بالحقوق لأنفسهم فقط. خاصة بعد انتصار النظام الديكتاتوري القمعي. ولا يدرك معارضو النظام أن نصر النظام الأكبر هو إجبارهم علي تبني أفكاره والانقلاب علي مبادئهم. النصر الأصغر للنظام هو الاستحواذ علي الدولة والتنكيل بمعارضيه لكن النصر الأكبر للنظام هو قهر أفكار معارضيه؛ هو جعلهم يحملون داخلهم أفكاره. وهذا هو النصر الحقيقي الذي حققه النظلم الحالي؛ فكثير من معارضيه يؤمنون بأن المنتصر علي صواب داخلهم، ولذلك داخلهم يؤمنون بأن النصر من نصيب أفكار هذا النظام وليس أفكارهم، ولذلك أيضا داخلهم بدأوا يعجبون بالأفكار القمعية لنتشه وشميت ولينن وأتاتورك.

               يجرحني أننا حتي وإن تخلصنا من هذا النظام، سنتخلص من لاعبين سياسيين معينين، ولن نتخلص من القمع أو القهر أو الظلم أو الاضطهاد. يجرحني أننا سنظل في دائرة ظلم وقمع لا تنتهي إنما يتبدل فيها الظالمون والقامعون فيها. يعذبني أننا لن نستطيع أن نرنقي كبشر ذات يوم في هذا المجتمع. وسأظل أتعذب داخل هذه الدائرة للأبد؛ لأنني أدرك أنني حتي وإن صار أمثالي الذين يمثلون الأقلية الان أغلبية فسأظل أتألم لأن من سيصير أقلية سيقهر؛ فأنا ضد ألم الإنسان بالظلم والقمع ولست ضد ألمي الشخصي لأنه ألمي. 

               وكل من لا يؤمن بالحرية والمساواة للمختلف عنه وحتي خصمه لا يؤمن بهم حقا. ولا يحق له أن يدعي الدفاع عنهم؛ فهو يدافع عن حقوقه وحرياته، لا يدافع عن العدل، ولا الحرية.

الاثنين، 7 أغسطس 2017

تساؤلات (١٥): هل الإنتاجية معيار نجاح؟

        عندما تحدث مقارنة بين الأفراد المختلفين وحتي الدول المختلفة، تتخذ الإنتاجية معيارا للمقارنة. عندما ينظر المجتمع لشخص ما، ويقيم مكانته الاجتماعية في كثير من المجتمعات يقيمها علي أساس انتاجيته. وعندما يتم النظر ل"نجاح" الدولة، ومقارنته ب"فشل" دول أخري تكون هذه المقارنة قائمة على أساس الإنتاجية العلمية والاقتصادية بغض النظر عن توزيع المنتجات العلمية والاقتصادية، وعن وضع حقوق الإنسان، وحرياته الحقيقية داخل هذه الدول بل إن من يضع معيار الحياة المرفهة، وحقوق الإنسان، وحرياته هو الأكثر إنتاجية.

      لكن هل الإنتاجية معيار النجاح؟ هل الإنتاجية هي القيمة الحقيقية للحياة الإنسانية؟ هل الإنتاجية معيار تفرقة بين الأفراد والدول؟ هل الإنتاجية هدف الحياة والمجتمعات الإنسانية؟ هل الإنتاجية مفيدة دائما أم أنها أحيانا مضرة؟ هل الإنتاجية غاية أم أنها وسيلة؟ هل حقا نحتاج الإنتاجية؟ أليس ممكنا أن تكون قيمة الإنتاجية واحتياجنا لها هي مجرد وهم صنعته الاستهلاكية؟

          تاريخيا، حققت كثير  من الحضارات الإنسانية إنتاجية مرتفعة، لكن لم تكن للإنتاجية ذات القيمة والتقدير، والنظر إليها كمعيار مقارنة إلا في العصور الحديثة. ما قبل الحداثة، كان الدين، والأعراف، والقيم الروحية، والاجتماعية، والتركيب العرقي، والاجتماعي، والأسري هو قوام المقارنة، والتمييز ليس بين الأفراد لكن أيضا بين الشعوب. الإنتاجية لم يكن ينظر لها كهدف. كانت طريقة إشباع للاحتياجات الأساسية، ولتوفير الرفاهية للأعلي مكانة لكنها لم تكن طريقة تعريف الأعلى مكانة.

         هذا الاختلاف التاريخي، لا يحدد ما إذا كانت الإنتاجية معيار النجاح أو مفيدة أو ذات قيمة عظمي أم لا لكنه يجعلنا ندرك أن مكانة الإنتاجية في الثقافات الإنسانية ليست تلقائية؛ إنما هي متغير تاريخي، يستحق أن ونطرح تساؤلات بشأن حقيقة قيمته.

"الحرية مكفولة أكثر من اللازم"

       عندما قال السيسي  أن الحرية مكفولة أكثر من اللازم؛ لم يكن يمزح، ولم يكن يخدع محاوريه الأجانب عن وضع الحرية في مصر؛ إنما كان يعبر عن طريقة تفكير ما هو أكبر من النظام العسكري الحاكم لمصر؛ لقد كان يعبر عن طريقة تفكير مجتمع بأكمله.

      يمكن تحليل هذه العبارة بأن النظام العسكري المصري هو نظام قائم علي فكرة أن هناك قدر من الحرية لازم يستعمل في النقاش داخل الطبقات الأعلي من الحكم، وهنا يكون للحرية دور وظيفي تؤيده بالقدر المطلوب منها، ثم يجب علي من يخضعون للحكم تنفيذه دون اختيار مثل التجنيد الإجباري الذي ليس مسألة خيار فردي بل هو حكم واجب التنفيذ، ولا يمكن لأي شخص الخروج عنه. وتؤمن هذه الطريقة الوظيفية في التفكير بأن الحرية أكثر من اللازم تؤدي (ككل شيء أكثر من اللازم) إلي خروج المرؤسين عن رؤسائهم وعدم تحقيق المنظومة لأهدافها. وأهداف المنظومة ليست في عدم وجود فساد أو تحقيق النجاح علي المستوي الإنساني. هدف المنظومة هو الظهور بشكل ناجح رقميًا وإحصائيًا، والأهم هو الظهور بمظهر الانضباط، وعدم خروج أي مرؤوس عن رؤسائه بشكل محدد. ويري هذا التحليل أن المرؤوسين يخضعون للرئيس بسبب خوفهم الخروج عنه، وبسبب ترهيبهم.

          هذا التحليل السياسي الخارجي ليس تحليلاً خاطئًا؛ إنما هو تحليل ناقص ينظر من منظور واحد. هذا المنظور لا يري دور المجتمع في صياغة أفكار نظمه؛ هذا المنظور يستخف بالمرؤوسين، ويراهم مجرد عبيد جبناء. وهذا المنظور يطمس حقيقة أن أي نظام مهما بلغت درجة تخويفه أو ديكتاتوريته؛ إنما هو مجرد إنعكاس لأفكار غالبية مجتمعه. من يرون أن الشعب المصري غاضب من الوضع الاقتصادي، ولكنه يخاف الخروج علي النظام جاهل لحقيقة رغبة هذا المجتمع، وكون النظام الحالي هو أفضل تطبيق، وانعكاس لطريقة تفكير، ومباديء غالبية المجتمع المصري الذي يؤمن دائمًا أن حرية غيره "أكثر من اللازم."

         غالبية هذا المجتمع تميل لطريقة تفكير أبوية؛ يملك فيها الأب حق إجبار أبنائه علي فعل ما يؤمن به، مهما بلغ عمرهم؛ بل إنهم يرونه يمتلكهم، ويؤمنون أن الملكية هي قوام الحق. من "يمتلك" خادمة أو زوجة يؤمن هذا المجتمع في حقه علي إجبارها أن تفعل ما يريده هو، وأن تكون علي الصورة التي يريدها. من "يمتلك" طلابًا يؤمن المجتمع بحقه أن يجبرهم أن يسمعوه أراءه الشخصية في أوراق إجابتهم. وتؤمن غالبية هذا المجتمع بحق الإله الذي خلق البشر؛ لأنه خلقهم بأن يعذبهم كما يشاء، ويفرض عليهم الأحكام التي يريدها، ويجب أن يخضعوا له، وحقه إن خرجوا عن أحكامه (حتي التافه منها مثل الطعام) أن يعذبهم كما يحلو له؛ لأنه "يمتلكهم."

          وبجانب أصحاب السلطة مثل الأب، والمخدوم، والزوج، والمعلم، والإله، والحاكم؛ فالمجتمع يؤمن بحقوق كل فرد في فرض أفكار المجتمع، والدين بالقوة علي كل فرد خارج عنهم. المجتمع يري أن حق كل فرد أن يوجه المرأة التي تسير في الشارع بملابس "غير لائقة اجتماعيًا أو دينيًا" أن ترتدي ما يريده هذا المجتمع. المجتمع يري أن حق المارين في الشارع أن يضربوا، ويهذبوا أي رجل منظره "شاذ" يسير في الشارع. المجتمع يؤمن بحقه طرد أو التبليغ عن أي امرأة تستضيف رجالاً في منزلها، وهي تعيش وحدها. المجتمع يري أن حقه أن يهذب أي رجل وامرأة يقفون معًا بطريقة "غير لائقة" في الشارع. المجتمع يؤمن بحق المرأة الوسطية أن تؤذي المنتقبة التي تمثل فكرا محافظا أكثر منه.

           ويري المجتمع أن كل من هو أقلية تصطدم مع أعراف الأغلبية يستحق أقصي عقوبة (تصل إلي درجة القتل) لاختلافه. المجتمع يري أن العقوبة الصحيحة للمثلي أو العاملة في الجنس أو الملحد أو الذين يقيمون علاقات جنسية خارج الزواج هو القتل، وهم أول من يؤيدون الدولة في سجنها واغتصابها لهؤلاء، بل يرون أن الإعدام، وليس السجن هو ما يستحقونه. المجتمع يرفض حرية الفرد في تغيير دينه، ويرفض حرية أصحاب الديانات في الزواج بأصحاب الديانات الأخرى، ويرفض الاعتراف بأي صاحب دين غير إبراهيمي. المجتمع لا يعترف بحرية أي شخص يمثل أقلية في فعل ما ينافي أفكار ومعتقدات الأغلبية. المجتمع يؤمن بمنطق الأكثر قوة يفرض قانونه بالقوة علي الأضعف، ويجلد الأضعف لو تجرأ، وخرج عن حكمه.

        عندما أقول المجتمع لا أعني فقط الغالبية المؤمنة ب"الوسطية" المصرية الأصيلة. بعض الملحدين لا يؤمنون بحقوق السلفيين، والمنتقبات. بعض اليسار لا يؤمنون بحقوق الإسلاميين، والإسلاميون لا يؤمنون بحق غيرهم في عدم انطباق نظام فكري لا يؤمنون به عليهم. والمثليون الذين يريدون حقوقهم لا يؤمنون بحقوق العاملون والعاملات في الجنس أو الراغبين في التعدد.

       هذا المجتمع لا يؤمن بالحرية كقيمة مطلقة أو مبدأ انساني؛ هو  أصلا لا يؤمن بالمباديء الإنسانية. هذا المجتمع الذي صنع هذه الدولة القمعية هو مجتمع قمعي يؤمن أن الحرية له لازمة لفرض سلطته لكن حرية الآخر دائما "أكثر من اللازم."



الجمعة، 28 يوليو 2017

تساؤلات (14): هل يجب أن ينزل الإله منهجًا؟ هل الإله حاكم؟ ألا يمكن أن يكون الإله في موقع المحاكم؟

         الحجة الشهيرة لفكرة إتباع الدين هي أنه منهج من الإله، وأن الإله يجب أن ينزل منهجًا دائمًا، وأن الحكمة الإلهية من الخلق هي اختبار البشر، ومدي إتباعهم للمنهج، وفي حالة عدم إنزال المنهج لن يكون الإله عادلاً. لقد تمت مناقشة فكرة الحساب، والاختبار، والجنة والنار في مقالات سابقة من سلسلة تساؤلات يمكن العودة إليها في هذه المدونة.
          السؤال هذه المرة هو هل البشر كلهم في حاجة إلي منهج بصورة الدين أم لا؟ هل يجب أن ينزل الإله منهجًا؟ وهل هذه حكمة من الإله؟ هل الشخص الحكيم في الحياة اليومية للأفراد يذهب لكل شخص يعرفه بغض النظر عن ظروفه، وحياته الشخصية، وينصحه بنصيحة عامة ينصحها لغيره؟ هل الشخص الحكيم في الحياة يعتبر تصرفًا واحدًا صوابًا دائمًا؟ هل ينصح الحكيم شخصًا في مجتمع غربي بالتعدد الزوجي مثل شخص في مجتمع سعودي؟ هل ينصح الحكيم شخصًا في مجتمع أفريقي بارتداء نفس الملابس التي يرتديها شخص أخر في أسيا؟ هل ينصح الحكيم شخًصًا في مجتمع ظروفه حربية دائمة بنفس نصائح شخص في مجتمع حالته دائمًا سلمية؟ هل الشخص الحكيم يكتب رسالة واحدة ويرسل هذه الرسالة لكل البشر في زمنه فقط (لا كل الأزمنة) ويدعي أن كل موقف في الحياة ستطبق فيه هذه الرسالة ستكون حكيمة؟ هل أصلاً أي حكم في الكون عادل في كل المواقف؟ فكرة المنهج قائمة علي وجود مانويل يرسل للبشر ليسيرون عليه، ويكون ملائمًا لكل ظروفهم، وهذه الفكرة تدعو للتساؤل: هل يكون الإله حكيمًا إن أرسل هذا المنهج أصلاً؟ أم يكون سطحيًا، وجاهلاً؟
         إن كان البشر في حاجة إلي مساعدة أوإرشاد؛ ألا يكون من الأحكم أن يرسل لكل شخص في ظروفه الشخصية إرشادات ملائمة له؟ ألا يكون الأحكم أن يخاطب كل شخص وحده بشكل مستقل عن فكرة منهج عام؟ ألا يناسب كل شخص أصلاً طريقة قرب وعلاقة مختلفة مع الإله؟ هل الأفضل أصلاً أن يكون الإله منزلاً لمنهج أم أن يكون صديقًأ مصاحبًا للشخص الواحد في كل موقف، ومعينًا له في كل موقف حياتي يحتاج فيه معونة علي حدي؟
         فكرة المنهج مرتبطة بفكرة الحاكم، وفكرة أن الإله دائمًا في موقف الحاكم الذي يحاسب البشر علي إتباع القانون الذي فرضه أو علي الخروج عليه، وكما ذكرت فقد تمت مناقشة هذه الفكرة من قبل في مقالات لاحقة لكن المهم هنا هو: هل الإله دائمًا في موقف الحاكم (إن كان أصلاً بهذه الصورة) أم أنه يكون كثيرًا في موقف المحاكم من الإنسان في علاقة تبادلية؟ حتي الأديان تدعي أن الإنسان يجب أن يفكر ويتساءل، ويبحث حتي يعرف الدين الصحيح، وهذه هي الحجة التي تستند عليها الأديان (علي الأقل الإبراهيمية) حتي تبرر معاقبة غير المؤمنين بها علي رفضهم لصورة الإله فيها حتي من لم يعرفوا شيئًا عنها. ولكن حتي يختار الشخص بين الأديان المختلفة، ويبحث يجب أن يكون حاكمًا علي صور مختلفة للإله، ويختار بينها، وفي هذه المحاكمة يكون الإله في صورة المحاكم. وسؤال اّخر: ألا يمكن أن يكون الإله دائمًا في موقع المحاكم في علاقة مع الإنسان؟ في العلاقات التبادلية بين البشر يكون الأفراد في موقف متبادل من المحاكمة التبادلية إن أخطأ أحدهم في حق الاّخر أو إذا شك شخص في خطأ الاّخر في حقه، ألا يصح أن تكون العلاقة مع الإله علاقة تبادلية أيضًا؟ لو كانت الإجابة ب"لا" مستندة علي ارتفاع مكانة الإله في العلاقة؛ ففي هذه الحالة سيكون تحرر الإله من موقع المحاكم نتيجة لقوته، ومكانته، لا نتيجة لأي معيار أخلاقي، وإن كان الإله هو من يضع المعايير الأخلاقية؛ فألا يعني ذلك أن الإله ليس إلا  ديكتاتور يضع قواعد، ويلزم بها البشر، ويجبرهم علي إتباعها، ويكتسب الحصانة من المحاكمة حتي بمعاييره من موقف القوة، ومن موقف المشرع؟ هل من يحتمي بالقوة، والمكانة ليتحرر من المحاكمة أخلاقي حتي بمعايير الأخلاق التي تتفق عليها الأديان؟ وهل من يتحرر من المعايير التي وضعها بنفسه هو أخلاقي؟
           ألا يمكن أن يكون الإله هو الأخلاق النبيلة (أو لنستعمل تعبير "القيم")  ذاتها لا واضعها؟ ألا يمكن أن يكون الإله دائمًا في موقف الحاكم، والمحاكم في علاقة تبادلية مع الإنسان؟
   
 

الأحد، 4 يونيو 2017

تساؤلات (13): هل هناك مسار محدد وتلقائي للحياة الفردية؟ وهل المراحل الحياتية تلقائية أم أنها نتاج نظام اجتماعي؟ وهل هي الصواب؟

      أغلب المجتمعات، وبدرجات متفاوتة تفرض علي أفرادها مسارًا محددًا لحياتهم؛ عدد سنوات محدد للدراسة، ثم يخرجون من الدراسة لعدد سنوات محددة من العمل، وتكوين العلاقات العاطفية والزواج، ثم عدد سنوات محدد بعد العمل. في مجتمعنا المصري مثلاً، يتوقع من الفرد أن ينتهي من دراسته في العشرينيات (وبدأت تنتشر صيحة إضافة سنوات أخرى للماجستير والدكتوراة)، ثم يبدأ في العمل، والزواج، ثم تربية الأبناء، ثم دراسة الأبناء، ثم تزويج الأبناء ثم انتهاء العمل، ثم الشيخوخة، والموت.

         هو مسار محدد للحياة، وهو مختلف إلي حد ما (ليس كثيرًا جدًا) عن المسار الغربي للحياة، فقط نستبدل الزواج بالعلاقات العاطفية، ويتغير كثيرًا سن العمل، الاعتماد علي النفس (سن أصغر)، وكثيرًا ما يختار الغربيون عدم الإنجاب لكن في كل الأحوال يوجد مخطط مشابه لمسار الحياة الفردية. ولكن هل هذا المسار تلقائي أم أنه نتاج نظام اجتماعي؟ وهل هو الصواب أصلاً؟

        هل الصواب أن يتحدد سن معينة لكل شيء يفعله الفرد؟ هل الزواج أو العلاقات العاطفية قرينة سن معينة، ويجب القيام بها في مرحلة معينة أو حتي يجب القيام بها أصلاً؟ ألا يمكن أن تغني الصداقات عن العلاقات الأسرية والعاطفية؟ هل يجب أن تكون العلاقات العاطفية الجادة والزواج بعد التعليم؟ هل يجب أن يكون العمل لعدد سنوات معينة حتي الشيخوخة؟ هل يجب أن يعمل الفرد في سن معينة بعد "إتمام" تعليمه؟

          هناك ارتباط أيضًا بين هذه المراحل والعلاقات الإنسانية. فمثلاً في سن الدراسة المبكر تكون العلاقة الأساسية هي العائلة، ثم يصبح الأصدقاء هم العلاقات الأساسية في سن الدراسة الأكبر، ثم يصبح الطرف العاطفي (والأبناء إن وجدوا) هم العلاقات الأساسية في مرحلة ما بعد الدراسة، ويختلف الأمر قليلاً في المجتمعات الغربية حيث تستمر قيمة الأصدقاء إلى حد أكبر بعد إنتهاء الدراسة، وأخيرًا يمكن أن تنتهي العلاقات بعد انتهاء مدة العمل، وزواج الأبناء. لكن هل هذه الصورة المرحلية للعلاقات الإنسانية هي الأخرى تلقائية أو صوابًا حتي؟

           هل من الصواب أن يكون البشر في حياتنا مراحل؟ هل من الصواب أن تكون علاقاتنا مبنية علي الظروف والاحتياجات في كل ظرف؟ هل من الصواب أن تنزوي أهمية بشر عندنا لأن هناك مخطط ثابت يجب أن تسير عليه حياتنا؟ ألا ينبئنا تغيير مكانة البشر في حياتنا، ونظرتنا لهم علي أنهم مراحل أن هناك خطأ ما في "المخطط الثابت" لحياتنا؟

              هل كان هذا المخطط أصلاً موجودًا في كل العصور الزمنية؟ ألم يكن الزواج يتم في سن قبل إتمام الدراسة في زمن ما؟ ألم يكن العمل يتم في سن أصغر نسبيًا؟ ألم يكن مفهوم العلاقات مغايرًا في وقت ما؟ ألا يمكن أن يكون شكل حياتنا ومراحلها مغايرًا؟ ألا يمكن أن نختار مسارًا مختلفًا لحياتنا؟ ألا يمكن أن يكون هذا "المخطط الثابت" خاطئًا أو عبوديًا أو يمنعنا من رؤية رسومات أخرى لمجرى حياتنا؟ ألا يمكن أن يكون شكل علاقتنا في هذه المراحل خطأ؟ ألا يمكن أن تكون جريمة أننا نجعل علاقتنا بالبشر هي الأخرى ترسم كجزء من هذا المخطط؟ ألا يمكن أن يكون ذلك استغلالاً لهم؟ ألا يمكن أن يكون تخلينا عن أفراد مثل أصدقاء المدرسة أو العائلة الأولى، واهتمامنا بأشخاص آخرين لمجرد أنهم جزء من المرحلة التي نقف فيها من المخطط خيانة؟ ألا يمكن أن يكون هذا المخطط مجرد خدعة أو وسيلة من المجتمع لإخضاعنا، وتقرير شكل ثابت لحياتنا، لا نستطيع أن نخرج عليه فنهدد أمنه؟

الخميس، 25 مايو 2017

تساؤلات (12): هل الجسد ضد الروح؟ هل الروح حقًا ترقى علي الجسد؟ هل الروح أصلاً مختلفة عن الجسد؟

          واحد من أهم الأسئلة علي الإطلاق وأكثرها تعقيدًا في الفلسفة الغربية هو عن علاقة الجسد بالروح. فالفكرة الغربية التاريخية (والعربية أيضًا) أن الجسد منفصل عن الروح، والأمر مختلف كثيرًا في الثقافة الشرقية (الاّسيوية) حيث توجد نظرة أكثر توحيدًا بين الاثنين.
   
          والفكرة الدينية لدى الأديان السماوية هو وجود انفصال وشبه معركة بين الاثنين، وأن المتدين هو من يستطيع التوازن بين الاثنين ومن يستطيع السيطرة علي جسده، ومنعه من تلويث روحه. وإن كان الإسلام بوجه عام أكثر تسامحًا مع الجسد، وإن كان يضع قيودًا له؛ فهو أيضًا إلى حد ما ينظر للجسد علي أنه شيء ينبغي السيطرة عليه بفكرة مثل الصوم. الاختلاف بين المسيحية والإسلام حول الجسد هو أن المسيحية تكره الجسد، وما هو جسدي، وتعتبره مرحلة، وأن الإسلام يحب ما هو جسدي، ولكنه يريد فرض قيود عليه بحيث يستطيع السيطرة علي "المخاطر" التي يمثلها الجسد للمجتمع. ولذلك نجد الاّخرة الإسلامية اّخرة حسية جدًا، والسماء المسيحية يرفض فيها كل ما هو جسدي، والجسد في هذه الأفكار الدينية (الإسلامية والمسيحية) مرتبط بشكل كبير بالجنس.

           لكن المشكلة الحقيقية في رؤية الجسد كعدو للروح؛ والسؤال هنا هو لماذا يعتبر الجسد عدوًا للروح؟ أو خصمًا لها ينبغي التحكم فيه؟ لماذا تعتبر رغبات الجسد أزمة كبيرة يجب أن ترقي الروح حتي تستطيع السيطرة عليها؟ لماذا الروح، والجسد منفصلان؟ من أين جاءت هذه الفكرة، وما الذي يدعمها؟ لماذا لا يعتبر الجسد انعكاسًا للروح؟ لماذا لا يعتبر الجنس صورة من صور تعبير الروح؟ ما الذي يثبت أيضًا أو حتي يؤيد فكرة أن الروح والجسد في معركة؟ ما الذي يجعلنا نظن أن الروح ارقى من الجسد؟
ألا يمكن أن يكون الجسد هو الأرقى من الروح؟ ألا يمكن أن تكون الروح أدنى وأقذر من الجسد؟ ما الذي يجعلنا نظن أصلاً أن الروح والجسد مختلفان؟ لماذا نظن أنهما ليسا واحدًا بصور مختلفة؟

           ألا يمكن أن يكون صراع الجسد والروح مجرد أكذوبة و وهم وخدعة خدعتها لنا الأديان أو المجتمعات حتي تحمي نفسها من الأخطار الذي يمثلها الجسد ورغباته علي أمنها، واستقرار نظامها؟ ألا يمكن أن يكون الجنس مثلاً راقيًا ونظيفًا أو حتي عاديًا، فألصقته المجتمعات بالدنو والقذارة (خاصة إن خالف أحكامها) لما يحمله من تهديد لاستقرار الأوضاع فيها؟ ألا يمكن أن يكون الصواب هو جعل الجسد معلم للروح مثلما الروح معلمة للجسد؟ ألا يمكن أن تكون العلاقة بينهما من طرفين لا من تحكم طرف واحد؟ ألا يمكن أن يكون الجيد عالمًا أكثر من الروح في أوقات؟  

الثلاثاء، 23 مايو 2017

تساؤلات (11): علي ماذا يستند الإيمان؟

        الهجوم الشهير من المؤمنين بالمنطق أو المؤمنين بالمنهج العلمي (المنطق ليس والمنهج العلمي سواء، هناك اختلاف كبير بينهما) علي الدين أو حتي علي أفكار غير دينية يصعب إثباتها بأدلة ملموسة أو تناقض المنطق هو فكرة عدم إثباتها وكونها غير منطقية. والدفاع المشهور من المؤمنين الدينين الذين يرفضون مواجهة الأسئلة المنطقية ضد الدين هو أن الإيمان هو التصديق حتي دون أدلة ملموسة، ومع التصادم مع المنطق.

         لكن المشكلة الحقيقية عند رفض المنطق والأدلة الملموسة هو كيفية إثبات الإيمان أو تسبيبه. أليس الإيمان دون سبب مجرد تمسك بفكرة معينة لمجرد أنها تروق عاطفيًا للمؤمن/ة بها أو لأنها شيء تعود/ت عليه، ويخاف/تخاف فقدانه؟ أليس الإيمان دون أساس يستند إليه هو مجرد رغبة في الأمان الزائف أو الخوف من هدم كل ما تربى عليه الفرد، وعاش عليه عمره؟ أليس الإيمان بهذه الصورة رخيص جدًا ويرخص ما نؤمن به؟ ألا يجعل الإيمان بهذه الصورة من نؤمن به (مثلاً الإله) مجرد فكرة ننتفع بوجودها و نخاف أن نفقد الأمان الذي توفره، ولذلك نتمسك بها؟

        من ناحية أخرى، من أين يأتي الافتراض بأن المنطق أو الدليل الملموس هو فقط الأساس الذي يمكن أن يستند إليه الإيمان؟ لماذا هما فقط يصلحان كسبب للتصديق؟ ألا يمكن أن تكون هناك صور أخرى للأدلة؟ ألا يمكن أن تكون التجربة الشخصية للفرد في علاقته/ا بشيء ما هو سبب يستند إليه هذا الإيمان؟ ألا يمكن أن تكون تجربة روحانيًا فردية سببًا قويًا للإيمان؟ ألا يمكن أن تكون علاقة شخصية الفردية بإله أثبتت له صدق وجود الإله أو فكرة معينة عنه؟

        لماذا يجب أن يكون دليل أو أساس الإيمان صالحًا لإقناع كل فرد به؟ لماذا يجب أن يكون شيئًا غير فردي؟ لماذا لا يكون أساس الإيمان والإيمان ذاته تجربة فردية؟ لماذا يجب أن يكتسب الإيمان صورة اجتماعية جماعية بأدلتها، وأساسها؟ الإيمان دون سبب أو لمجرد أن الدين الذي تربينا عليه أو الكتاب المقدس الذي كبرنا علي وجوده أو المجتمع الذي تربينا فيه يقول أشياءًا محددة فنؤمن بها ربما هو إيمان خاطئ وكاذب ويرخص ما نؤمن به، لكن هناك صور أخرى للإيمان بأشياء حتي وإن كانت ضد المنطق والأدلة الملموسة. ربما هناك أدلة فردية من نوع آخر يمكن أن يستند إليها الإيمان. 

الاثنين، 22 مايو 2017

تساؤلات (10): هل المرض ضد الطبيعة؟ وهل المرض النفسي موجود؟

        الافتراض الدائم أن "المرض" هو شيء "abnormal" وضد القاعدة الطبيعية، وأن التدخل البشري هي بهدف تصحيح الاعوجاج الذي حدث في الطبيعة بحيث أنتجت أفرادًا ضد قواعدها، لكن من أين يأتي هذا الافتراض؟ نحن وجدنا مثلاً فقدان البصر في الطبيعة، ووجدان الفيروسات، والبكتيريا، والديدان التي تسبب كثيرًا من الأمراض في الطبيعة أيضًا. من أين جاءت فكرة أن الأعراض التي نسميها نحن أمراضًا هي ضد الطبيعة؟ ألأنها تصيب الأقلية مثلاً؟ أم أنها تسبب صعوبات والاّم لنا كبشر؟ نحن لسنا تعريف الطبيعة، ولسنا نحن الذين نحدد طبقًا لما هو يناسبنا، ويريحنا ما هو طبيعي. ربما تكون حقيقة الطبيعة أنها تسبب صعوبات لنا، وأن الطبيعة ذاتها تخلق أوضاع "طبيعية تمامًا" لكنها متعبة لنا كبشر ويجب لنا تغييرها حتي تكون أوضاعنا أفضل. لذلك يجب أن نتشكك كثيرًا في فكرة كون ما نسميه أمراضًا ضد الطبيعة، بل ربما هو جوهر الطبيعة.

       ثاني سؤال أكثر أهمية هو حقيقة وجود شيء يسمي "مرضًا نفسيًا". اليسار يتشكك غالبًا في فكرة وجود شيء يسمى مرضًا نفسيًا. ألا يمكن أن يكون المرض النفسي مجرد مصطلح اخترعناه حتي نصم المختلفين معنا اجتماعيًا بأنهم يفتقدون إلى العقل وأن لديهم مشكلة ما تجعلهم مختلفين؟ ما الذي يفسر تغيير بعض "الأمراض النفسية" ونزع صفة المرض النفسي عنها مع تقبل المجتمع الغربي لها كالمثلية، وتمسك أغلب المجتمعات العربية باعتبرها أمراضًا نفسية لرفضها لها؟ وما الذي يفسر اعتبار عدم استيعاب الأطفال للمنهج التعليمي بالشكل التقليدي مثل الأطفال "المصابين" بال ADHD مرضًا نفسيًا؟ هؤلاء الأطفال فقط لا يستطيعون التركيز في المحاضرات بالشكل التقليدي لماذا نعتبرهم عاجزين أو مرضي؟ ولماذا نفترض في من لديهم مشاعر كثيرة أكثر من الغالبية أنهم مرضي؟ ولماذا نفترض فيمن يفكرون بشكل مختلف، وتسيطر أفكار معينة عليهم بشكل معين أنهم مرضى؟ ولماذا بشكل جزافي يستعمل المجتمع كلمة "مجنون" للإشارة لمن يقوم بفعل غير مألوف في مجتمعه؟ لماذا يتم الحكم بعلاج نفسي علي بعض الأفراد الذين يقودون سيارتهم بطريقة غريبة "بطريقة عربية" في المجتمعات الغربية؟ ولماذا كل من يفعل/تفعل فعلاً غير متفق تمامًا مع المجتمع العربي حتي في اختياره/ا لألوان منزله/ا يسمي "مجنونًا"؟

            العقل بكل بساطة يحتمل أن يكون منظومة فكرية تحاول أن تقصي المختلف مع الأغلبية الاجتماعية وأفكارها. هذا كله لا يعني أنه ليس من حق الفرد أن يحاول تغيير أشياء معينة تضايقه/ا في نفسه/ا، لكن هذا يعني أن هناك شك في حقيقة وجود أشياء معينة مثل الأمراض النفسية، كل  شخص فيه هذه الصفات يعتبر مريضًا نفسيًا.

الجمعة، 19 مايو 2017

تساؤلات (9): هل العلاقات الفردية تفضل العلاقات التعددية؟ وهل العلاقات الغيرية تفضل العلاقات المثلية؟ ولماذا تعتبر العلاقات بين المحارم خطأ؟

         في التساؤل (5) تمت مناقشة سؤال مدى وجود شكل أفضل للعلاقات. في هذا التساؤل سيتم التفكير بشكل أكثر تفصيلاً في مدى أفضلية بعض الأشكال التقليدية بعينها للعلاقات علي أخري.

أ) العلاقات الفردية والعلاقات التعددية:

          الكثيرون يظنون أن العلاقات الفردية مثل الزواج أو الارتباط بشخص واحد، والوفاء له/ا هي الصورة الأفضل، والأكثر غلوًا، وولاءًا لكن هناك بعض التساؤلات التي لا يطرحها الكثيرون بخصوص ذلك الأمر.

           1) لماذا في علاقات مثل الصداقة أو الأخوة لا تعتبر خيانة أو تركًا للشريك/ة أن يمتلك الفرد أصدقاء أو إخوة اّخرين بينما تعتبر خيانة وتركًا للشريك في العلاقات العاطفية أن ينظر شخص لاّخر؟

           2) لماذا يجب أن يتحكم شعور الامتلاك الذي يسبب الغيرة في اختيارات الأفراد في علاقاتهم؟ لماذا يتحكم شعور ضد الحرية "الامتلاك" في صورة العلاقة المثلى؟ لماذا نختار شكل العلاقة الذي يرضي التملك "العلاقة الفردية"؟

            3) لماذا لا يمكن أن يوجد حب رومانسي لأكثر من فرد بشكل مختلف، وبدون أن يتسبب في تفضيل أحدهما علي الاّخر؟

             4) لماذا الجنس بالذات هو ملكية فردية لشخص بعينه؟ وهل لا تناقض فكرة التملك الجنسي لشخص اّخر مع فكرة حرية هذا الفرد وسلطته وحده علي جسده؟

            5) أليس مصدر الغيرة، والرغبة في الامتلاك خوف وعدم ثقة بالذات؟ أليس خوف الفرد من وجود شخص اّخر في حياة من يحب/تحب خوف من المقارنة أو التنافسية؟ هل من يحب يفترض به أن يقارن أصلاً أم أنه يحب كل إنسان بطريقة مناسبة لهذا الإنسان؟

ب) العلاقات الغيرية و العلاقات المثلية:

            1) لماذا يعتبر جنس أو جندر الفردين محددًا لمدي قدرتهما علي الحب والعطاء لبعضهما؟

             2) لماذا يعتبر هدف العلاقة هو شكل تقليدي محدد مثل الزواج أو الإنجاب؟ ألا يجعلها ذلك علاقة نفعية بتة؟ وهل يتم توجيه ذات الهجوم علي العلاقات بين الغيريين العقيمين؟

             3) لماذا يفترض الكثيرون أن الذكر والأنثى يكملان بعضهما البعض أصلاً؟ هذه النظرة توحي بأن الذكر والأنثى كائنات مختلفة، ولكن هل هما حقًا كذلك؟ أم أن تربيتنا الاجتماعية هي التي تجعلنا نفكر بهذه الطريقة؟

              4) هل فكرة إكمال الطريف الاّخر فكرة أصلاً محمودة أم أنها فكرة تفترض نقصان أحد الأفراد وعجزه وحده؟ وهل العلاقة التي يدخلها الفرد ليكمل نفسه علاقة صحية أصلا؟

              5) هل شكل العلاقة الجنسية الغيرية أصلاً يفضل شكل العلاقة المثلية؟ من أي زاوية يمكن الحكم بذلك؟ من زاوية الغيريين أم من زاوية المثليين؟
       
               6) وفكرة طبيعية أم عدم طبيعية المثلية يمكن العودة فيها للتساؤل (2): هل الطبيعة عادلة؟ وهل تصلح معيارًا للخطأ والصواب؟

ج) لماذا تعتبر العلاقات بين المحارم خطأ؟

             1) من هم المحارم؟ لماذا يختلف كل مجتمع ودين في تعريف المحارم؟ أليس ذلك نتاج علاقات اجتماعية، واقتصادية محددة، وأفكار متغيرة لمن هم ذوي العلاقة القريبة القبلية بنا؟

              2) هل وجود حب رومانسي أو جنسي بين أقارب دم أيًا كانت درجة قربهم تقلل من حبهم لبعض أم أنها صورة أعمق لحيهم أو إنعكاس لدرجة ارتباطهم ببعض؟
       
               3) هل الجنس نفسه قذرًَا، ولذلك يلوث العلاقة مع القريبين منا؟ وإن كان كذلك فلماذا نفعله بالاّخرين؟

                 4) لماذا يفترض أن نوع جديد من الحب سيفسد علاقات أشخاص قريبين من بعض؟ لماذا لا يضيف النوع الجديد للحب عمقًا أكبر؟
   
                  5) لماذا ترتبط فكرة العلاقة الجنسية مع أحد بفكرة الإنجاب ومخاطرها؟ لماذا هذه الصورة للعلاقة والقرب والحب نربطها دائمًا بغرض نفعي مثل الإنجاب ثم نقبلها أو نرفضها طبقًا لقدرتها عليه أو علي ضررها فيه؟


             








             

الاثنين، 8 مايو 2017

تساؤلات (٨): هل تصلح فكرة الصليب، والقيامة حلاً لمشكلة الألم؟

     
             


         فكرة الصليب والقيامة المسيحية تعتبر ضمن أكبر الحلول الدينية المختلفة المطروحة لمشكلة الألم (مشكلة وجود ألم في الدنيا رغم وجود إله). لكن هناك أكثر من تحدي يواجه فكرة الصليب، والقيامة كحل لمشكلة الألم.
           الفكرة في الصليب والقيامة هو أن الإله ولد إنسانًا وتعذب عذابًا إنسانيًا، وجرب كثيرًا من أنواع الآلام الإنسانية مثل الفقر ثم التعذيب الجسدي بالجلد حتي تصفية الدماء، والصلب، والجوع حتي الموت، وبذلك يكون الإله في الدين المسيحي قد شارك الإنسان ألمه في هذه الحياة، ويعتبر ذلك حلاً لمشكلة الألم في الفكر المسيحي؛ لأن الإله بهذه الطريقة يكون قد ذاق أسوأ مرارات الألم التي يتذوقها الإنسان، وشاركه الألم في الدنيا دون كبرياء.
            ورغم تميز هذه الفكرة الدينية تاريخيًا بما تحمله من صورة مختلفة للإله دون تعجرف أو كبرياء وصورة إنسانية عظيمة وجمالها في ضعفها إلا أن هذه الفكرة يمكن مهاجمتها بسهولة كفكرة عاجزة أمام مشكلة الألم لعدة أسباب:.
               1) يصعب الادعاء بأن عذابات المسيح
 هي العذابات الأكبر علي الإطلاق، وأنها تصلح كرمز لأسوأ صور الألم الإنساني.  فملايين البشر الذين تعرضوا لمذابح جماعية تعرضوا لعذابات لا تقل بل ربما تزيد كثيرًا علي اّلام المسيح. فالمسيح لم يجرب أن يتم تعذيب أو اغتصاب أعز أحبائه أمامه، ولم يتم اغتصابه (وهي صور تعذيب منتشرة بفحش في المذابح والحروب الأهلية، وضد المعارضين السياسيين). بعض المذابح في أمريكا اللاتينية كان يتم فيها وضع فئران في مهبل النساء لأكله. وكانت الأمهات يجبرن علي رؤية أبنائهن قتلى، وأجسادهم يتم دقها علي الطاولات. وبعض طرق القتل الحديثة تزيد وحشية وايلاما عن طريقة قتل المسيح. وطريقة قتل هيباشيا بتعريتها ثم سحلها بجرها خلف عربة ثم تقطيع جسدها، وحرقه علي مذبح الكنيسة ليست ايضًا أقل إيلامًا من طريقة قتل المسيح. والمسيح لم يوضع في موقف أن يجبر علي قتله أبنائه حتي لا يتركهم يقتلون بتعذيب من نظم تجعله يختار بين قتل أبنائه برحمة، وقتلهم من النظم بتعذيب. الفكرة أن الإاله إذا نزل الأرض، وقرر أن يتعذب فعلاً فيجب أن يمر بكل صور العذابات التي يمكن أن يمر بها الإنسان، لا صورة واحدة محددة، وداخل إطار زمني واحد بحيث يمكن لإنسان اّخر أن يعاني أكثر منه.

              2) المسيح عاني من الفقر لكنه لم يكن أنثى، ولا سامريًا وسط اليهود، ولا مثليًا ولا مريضًا نفسيًا. المسيح لم يجرب وضع أقليات معينة في مجتمعاتها (وإن دافع في مجتمعه عن الكثير من الأقليات). إذا تجسد الإله، وجاء الدنيا ليحمل ذنوب البشر، ويتحمل اّلامهم ويشعرهم بمشاركته لهم، فيجب أن يكون قادرًا أن يشعر بكل معاناة كل شخص في كل وقت. هذا مستحيل بالنسبة لإنسان. فيستحيلأ يقدر إنسان واحد أن يكون ذكرًا وأنثي، جزءًا من عدة عناصر عرقية، مثليًا وغيريًا، مذنبًا وخاليًا من الذنوب. الإنسان محدود حتي في اّلامه. وهذه هي المشكلة الحقيقية لفكرة تجسد الإله في المسيح، وعذابات المسيح كحل لمشكلة الألم. لأنه ببساطة يمكن أن تكون عذابات المسيح حلاً لمشكلة الألم بالنسبة لشخص لديه مواصفات المسيح (ذكر فقير عاش في وقت المسيح أو قرب زمنه مثلاً)، لكنها لا تصلح حلاً لمن لم يجرب المسيح آلامه، ولا تخيله حتي.

           3) حتي وإن افترضنا جدلاً أن المسيح شعر بكل أو حتي أقسى صور التعذيب التي يمكن أن يعاني إنسان منها، فذلك يعني أن الإله عاني هو الاّخر من الألم لكنه لا يعني أن الإله غير مذنب في فرضه الألم علي البشر أو تنصله من مساعدتهم. لأن فكرة معاناة شخص معي لا تقلل من حجم معاناتي أنا، حتي وإن كان هذا الشخص هو الإله.

الجمعة، 5 مايو 2017

تساؤلات(٧): هل تثبت الكتب الدينية وجود إله؟ وهل يجوز ان تعرف صورة الإله عن طريق الدين؟

       كثيرًا ما يجادل أتباع الديانات المختلفة بأن دليلهم علي وجود الإله هو كتبهم التي يؤمنون أنها منزلة منه لكن السؤال البسيط المباشر المنطقي الذي لا يخطر لكثيرين ان يسألوه هو: هل تصلح الكتب الدينية دليلا علي وجود الإله ؟ هل يمكن أن يكون إثبات الإله في كتاب إيًا كان؟

          المسلمون مثلاً يدعون أن الإثبات لوجود الله هو القراّن، لكن المشكلة الحقيقية في هذه الحجة أن الإله هو الأعلي من الكتب، وأن الكتب يفترض أن تكون منزلة من الإله، وأنها تكتسب قداستها، وحقيقتها من قداسة منزلها. الكتب تدنو الإله ولا يجب أن يكون الدليل علي الإله وصفاته هو الكتب؛ لأن ذلك يجعل الأدني (الكتب) إثباتًا لصفات الأعلي (الإله)..

                  الطريق المنطقي يجب أن يكون معرفة الإله أولا ثم البحث عن الكتاب المتفق مع المعرفة الصحيحة للإله، لا معرفة الكتاب ثم رسم صورة الإله المتفقة مع وصفه في الكتاب. هذه المشكلة مرتبطة كذلك بفكرة الدين الصحيح والإله الصحيح، فكثيرًا ما يبدأ الأفراد في رسم صورتهم عن الإله طبقًا للصورة المرسومة له في دينهم (هذه الصورة كثيرًا ما تستخرج من الكتاب أو الخطاب الديني)، لكن هذا المسار غير منطقي وخاطيء؛ لأن الدين يدنو الإله، ويجب أن يعرف الفرد الإله أولا وصفاته ثم يبحث عن الدين الملائم لمعرفته تلك. لكن لا يصح أن يبدأ الفرد بحثه بالدين ثم من الدين يعرف الإله؛ لأن الدين يدنو الإله، ويفترض أن يكون طريقًا لإرضاء الإله، فكيف يتم اختيار طريقة إرضاء إله لا نعرفه أصلاً. هل يجوز البحث داخل طريقة إرضاء شخص عن ماهية الشخص؟ نحن نعرف الشخص ثم نبحث عن الطريقة التي ترضيه. ولكن هل من المنطقي أن نختار طريقة إرضاء شخص لا نعرفه ثم نشكل صورة عنه عن طريق الطريقة التي اخترناها لإرضائه دون أن نعرفه؟ كل نعرف أصلاً أنها ترضيه؟   

السبت، 29 أبريل 2017

تساؤلات (6): هل الدين حقًا مطلق؟ (ملخص مقال سابق)

     يحلو لأتباع ورجال الديانات المختلفة الإدعاء بأن دياناتهم مطلقة، لكن هل الدين واقعيًا مطلق أم نسبي؟هناك الكثير من القرائن علي نسبية الدين. الكثير من أحكام الدين تغيرت من مجتمع لاّخر، و من وقت لاّخر. الأزهر (وهو أكبر مؤسسة سنية في العالم الإسلامي) رفض مثلاً فكرة ملك اليمين عندما عادت للظهور منذ عدة سنوات، و قال أن مرتكبيها زناة، رغم أن ملك اليمين كان مقبولاً كصورة من صور النكاح في الإسلام. الأزهر تبني وجهة النظر التي ترى أن المجتمع تغير، و لا يمكن قبول عودة نظام نكاح كهذا فيه. رجال الدين الشيعة في إيران مثلاً تقبلوا فكرة التحول الجنسي، وتعتبر إيران الدولة الثانية عالميًا في التحول الجنسي؛ مثل هذا الرأي لم يكن ليقبل في السابق من قبل رجال الدين الشيعة. حتي كثيرًا من الأحكام الدينية للشيعة كزواج المتعة المرفوضة تمامًا للسنة يمكن تفسير وجودها بالإطار الاجتماعي الذي نشأت فيه الذي يعتبر أكثر تقبلاً لأفكار اجتماعية منفتحة عن الإطار الاجتماعي للمجتمعات السنية. حتي في المجتمعات السنية، انتشار الفكر الوهابي في السعودية مثلاً، مقابل الفكر المالكي في تونس، مرتبط بالاختلاف التاريخي للمجتمعين إلي حد كبير.
        الإطار التاريخي، والاجتماعي حدد كثيرًا من الاختلافات بين ديانات متقاربة مثل الديانات الإبراهيمية، كما أنه حدد الإختلافات بين المذاهب المختلفة داخل هذه الديانات. مثلاً الكاثوليكية ترفض الزواج بين أبناء العمومة، وتعتبره زنا محارم، لكن هذه الصورة للنكاح مقبولة لدي الأورثوذكس؛ لأن المجتمعات الأورثوذكسية (كمصر) شاع فيها زواج الأقارب تاريخيًا، بينما رفض تمامًا بالنسبة للمجتمعات الكاثوليكية (كروما) تاريخيًا، و نظر إليه بتقزز. اليهودية مثلاً تلزم المرأة التي ترملت بالزواج بأخ زوجها جبرًا عليها و علي أخ الزوج، بينما تري المسيحية ذلك زنا محارم، و يقبله الإسلام، لكن لا يلزم به. وهذا الاختلاف نابع من اختلاف المجتمعات الثلاث. المجتمع اليهودي ظل لفترة طويلة يضطهد المرأة، و لم يكن للمرأة فرصة لأن تعيش بدون الزوج، و كانت المرأة ستتعرض للإهانة، و الخدمة، و الاستغلال إلم تجد زوجًا مسؤولاً عنها في ذلك المجتمع. أما المجتمعات العربية البدوية، فكان للمرأة قدرة مالية فيها إلي حد ما، و كان شائعًا فيها الزواج من أرملة الأخ، لذلك قبل الإسلام هذا الزواج، و لم يفرضه. أما المجتمعات المسيحية خاصة الغربية، فقد اعتبرت الزواج بمثابة امتداد أبدي للأسرة؛ لذلك رأت الزواج من أخ الزوج بمثابة زنا محارم. تعدد الزوجات مثلأً وجد في الإسلام، و اليهودية، و رفض رفضًا باتًا في المسيحية؛ لأن المجتمعين العربي البدوي، و اليهودي قبل فيهم التعدد، واستقر كمؤسسة اجتماعية، بينما كان مرفوضًا تمامًا، وفكرة غريبة عن المجتمعات المسيحية قبل المسيحية.
           حتي الأحكام الجنائية في اليهودية، و الإسلام يمكن بسهولة رؤية الإطار التاريخي، والاجتماعي خلفها. كثير من الأحكام الإسلامية مثل الرجم للزناة، و الجلد، و قطع اليد للسارق، و القصاص من القاتل أو الفدية كانت موجودة في المجتمع العربي البدوي قبل الإسلام أو في المجتمعات اليهودية. كل ما أضافه الإسلام (وهي إضافة ليست صغيرة) هو وضع قيود قوية علي تنفيذ هذه الحدود، و إثبات الجريمة فيها.
           حتي الأديان الغير إبراهيمية، ترتبط فيها الأحكام الدينية بالإطار الاجتماعي. المجتمع الهندي مثلاُ تقبل تاريخيًا قبل الاحتلال الإنجليزي المثلية، و التحول الجنسي؛ لذلك فكثير من طوائف الهندوسية تبنت المثلية، و التحول الجنسي، و جعلتهم جزءًا من  العبادات الدينية.

          لا يبدو أن كل هذا الإتفاق بين الديانات ومجتمعاتها مصادفة؛ وهذا يجعلنا نتشكك في كون الدين مطلق.

الخميس، 27 أبريل 2017

تساؤلات (5): هل يملك أحد الحكم بأن هناك شكل أمثل للأسرة أو العلاقات؟

        في كثير من الدول العربية والآسيوية يسمح بالتعدد للزوجات، وفي بعض الدول الآسيوية والأفريقية يسمح بتعدد الأزواج، وفي أغلب دول العالم يسمح بالطلاق، والأسر التي يربي فيها طرف واحد الأبناء، وفي 17 دولة يسمح فيها بشكل رسمي بالأسر المثلية. ويختلف مفهوم المحارم التي يرفض القانون الاجتماعي الزواج بينهم بين مختلف المجتمعات في مختلف الحقبات الزمنية. بالنسبة للمصريين القدماء، لم يكن الأخوة محارم يمنع الزواج بينهم، في حالة الأسرة الحاكمة كان يمكن للأب أن يتزوج ابنته (مثل إخناتون وابنته). وفي بعض المجتمعات الغربية يمنع زواج أولاد الأخوال والعمومة بينما يفضل هذا الزواج في المجتمعات العربية. تفرض الطبيعية في كل المجتمعات أسرًا طبيعية أو تصنعها الدولة (مثل الجمعيات الأهلية للأيتام) يكون فيها المربي للطفل غير أبويه البيولوجيين. لكن رغم كل هذه الاختلافات بين المجتمعات في شكل الأسرة أو العلاقات المقبولة، نجد أن بعض أشكال الأسر والعلاقات يراها مجتمع معين أفضل من أسر أو علاقات أخرى.

         يترتب علي هذه النظرة أن يتم قمع واضطهاد الأفراد الذين ينتمون لأسر أو يدخلون في علاقات مختلفة عن التي يراها مجتمعهم "مثالية" أو "طبيعية" أو "كاملة". لكن هل يملك أي مجتمع أو أي فرد حتي حق الحكم علي أسرة أخرى أو علاقة أخرى بين أشخاص اّخرين بأنها "اّثمة" أو "قذرة" أو "خطأ" أو "شاذة" أو "غير صحية" أو "ناقصة" حتي؟ هل يملك أي إنسان حق الحكم بأن هناك شكل أمثل للأسر والعلاقات بالنسبة للاّخرين؟ هل يملك من ولدت لأبوين متزوجين أن تحكم أن شكل أسرتها أفضل من شكل أسرة صديقتها التي تعيش مع أمها المطلقة أو زميلها الذي ولد في بيت للأيتام؟ إنها لم تجرب حياة صديقتها وعلاقتها بولادتها، ولم تجرب حياة زميلها وعلاقته بأخواته أو باّبائه وأمهاته في دار الأيتام. هل يمكن لشخص غربي عاش مع والدته غير المتزوجة وفي مجتمع لا يوجد فيه تعدد أن يحكم علي أسرة سعودية أوسودانية فيها أب متزوج من عدة نساء، ولديه أكثر من عشرة أبناء؟ هل يمكن لشخص تربي في المجتمعات الحديثة في الأسرة التقليدية حيث علاقته بأخته لا تسمح له بالتفكير فيها بشكل جنسي أن يحكم علي زواج الاخوة في المجتمع المصري القديم أو حتي أن يحكم داخل مجتمعه علي شخص يحمل مشاعر جنسية وعاطفية لأخته أو حتي لوالدته؟

        الإجابة التي يمارسها أغلب الأفراد، وكل المجتمعات هي "نعم؛ يجوز الحكم". وتكون نتيجتها هي قمع واضطهاد وإنكار أي صورة مخالفة للصورة المثلى للاسرة والعلاقات داخل المجتمع المحدد في لحظة محددة. لكن التساؤل هو هل فعلاً الإجابة نعم؟ هل يملك أحد الحكم؟

الأحد، 23 أبريل 2017

تساؤلات (4): هل يجب أن يكون الإله كاملاً لا يخطيء؟ وهل صورة الإله إنعكاسًا للقيم الاجتماعية المثلي؟


   تكاد تتفق الأديان الإبراهيمية في نظرتها للإله علي أنه لا يخطئ قط، حتي عندما يأمر الإله بارتكاب مذابح وإبادة شعوب، ينظر له علي أنه يفعل الصواب، ولا يخطيء. وحتي في المسيحية، حيث يأخذ الإله صورة الإنسان، فهو يظل إنسانًا كاملاً لا يخطيء. الأديان الغير إبراهيمية تختلف إلى حد ما في نظرتها للإله، فبعضها يراه يخطيء، والبعض الاّخر لا يتقبل فكرة خطأ الإله فحتي اّلهة الحرب مثلاُ تصنف شيئًا حسنًا بالنسبة لشعوبها، فهذه الشعوب (مثل الإغريق)، لم تكن تري الحروب خطأ.

           السؤال هنا هو لماذا يجب أن يكون الإله كاملاً، ولا يخطيء؟ لماذا لا يمكن أن يكون الإله غير كامل أو يرتكب أخطاء في أوقات؟ ألا يمكن أن تكون صورة الإله الكاملة هي مجرد رغبة للبشر في رسم صورة كاملة لشيء محدد يريدون بلوغه حتي يسعون خلفها؟ مثلاُ الشعوب التي ترغب في بلوغ القوة والسيطرة القاسية تصنع صورة إله قوي ومتجبر لأقصى صورة حتي تسعى خلفها. والشعوب التي ترغب في بلوغ أقصى درجة من الرحمة والحنان، والإنسانية تحاول رسم صورة إله حنون وإنساني ولا يؤذي أحدًا قط. 

           ألا يمكن أن تكون صورة الإله إنعكاسًا للقيم الاجتماعية لمجتمع معين في صورتها المثلى؟ ألا يمكن أن يكون الإله الأب مثل يسوع صورة الإله المثلي في مجتمع أبوي؟ ألا يمكن أن تكون الاّلهة الإغريقية العنيفة هي الصورة المثلى للقوة في مجتمع يقدس قوة الجيوش وقهرها لغيرها مثل المجتمع الإغريقي؟ ألا يمكن أن تكون صورة الإله الرحيم المنتقم هي الصورة المثلى للإله الذي يدمج بين القوة و الانتقام، والرحمة عند المقدرة، وهي صفات يحترمها المجتمع العربي البدوي؟ 

          لماذا لا يمكن أن تكون حقيقة الإله عظيمة جدًا، ولكن ليست كاملة تمامًا؟ لماذا لا يمكن أن يكون الإله إلهًا عظيمًا، ومستحقًا لكونه إله بدون صفة الكمال؟ لماذا نفرض علي الإله أن يكون متفقًا مع صورتنا المثلي لقيمنا مهما اختلفت؟ يبدو أن الصورة البشرية للإله تتغير بتغير الزمن، والمجتمعات، والقيم الإنسانية، وربما صورتنا للإله تقبل في وقت ألا يكون كاملاً أو أن يخطئ إذا قبلنا لأنفسنا ألا نكون كاملين وأن نخطيء ونقبل بنقصاننا، وخطئنا. 

        ملحوظة: هذا المقال متأثر بحوارات وكتابات مع فادي صفوت، ورانيا أشرف    
     

الجمعة، 21 أبريل 2017

تساؤلات (3): هل يدنو النقصان الكمال؟

             عندما يتم التفكير بشكل حسابي واجتماعي شائع، لا يخطر للكثيرين أن يتساءلوا عن بعض المسلمات التي يبدأون منها تفكيرهم؛ وإحدي هذه المسلمات أن الكمال يفضل النقصان. لكن من أين نثبت فكرة أن الكمال يفضل النقصان؟ لماذا الشيء "الكامل" يفضل الشيء الناقص؟ يمكن الجدال بأن الشيء الكامل يؤدي وظيفته أفضل من الشيء الناقص لكن هذه الإجابة تصلح للأشياء المادية، وفي النظرة العلمية العملية، لكنها ليست شافية عندما يأتي الأمر للإنسان أو لكل ما هو غير مادي.
             ما الذي يجعلنا نحكم أن العلاقات الإنسانية التي يكثر بها أخطاء الأفراد أدني من العلاقات الإنسانية منعدمة الأخطاء؟ ما الذي يجعلنا نحكم أن "الأسرة السعيدة المثالية" تفضل الأسرة التي بها أخطاء اجتماعية؟ ما الذي يجعلنا نحكم أن الشخص الذي يلتزم بدين معين أو بأخلاق معينة بشكل كامل أفضل من الشخص الذي يرتكب خطايا؟ ما الذي يجعلنا نحكم أن الجسد الذي تعرض لحرق، واختلف شكله الخارجي أقل جمالاً من الجسد الذي لم يتعرض لحرق؟ ما الذي يجعلنا نحكم أن البيوت المرتبة مثلاُ أفضل من البيوت الفوضوية؟
                الذي يجعلنا نصدر هذه الأحكام هي أننا نرسم صورًا للكمال. صورة البيت الكامل ليست بها كراكيب. صورة الأسرة النموذجية ليست بها أخطاء اجتماعية مثل خطأ الأب في أسلوب تربية أبنائه. صورة العلاقات الإنسانية النموذجية ليست بها أخطاء، فلا يسيء أحد الأطراف للأخر، ولا تحدث بها خلافات بسبب أخطاء الأطراف. صورة المتدين النموذجية هو الشخص الذي لا يخالف تعاليم دينه أبدًا في أي صغيرة أو كبيرة. وصورة الجسد النموذجي هو الجسد الذي ليس به خدش.
              لكن لماذا نفترض أن هذه الصور التي نرسمها نحن، ولا نراها أبدًا في الواقع تفضل الواقع؟ لماذا نري أن صور الجمال أو الأخلاق أو النظام الاجتماعي المحدد أفضل؟ هذه الصور تربينا علي أنها أفضل، وتربينا أن نضعها نصب أعيننا، ونحاول أن نقلدها حتي إلم نر مثيلاً قط لها في الواقع، لكن هل فكرنا من قبل إن كانت هذه الصور فعلاً تفضل الواقع أم لا؟
             لماذا لا يكون الجمال والصدق الحقيقيين في الأخطاء، وما يبني عليها؟ ألا يمكن أن تؤدي الأخطاء لنتائج جميلة؟ ألا يمكن أن تكون الأخطاء في علاقاتنا الإنسانية أساسًا لعلاقات حقيقية بها تجارب إنسانية حقيقية وذات معني عميق؟ لماذا لا يكون الجمال الإنساني الحقيقي في النقصان؟ لماذا لا يكون البيت المكركب أجمل وروحه مريحة أكثر من البيت المنسق؟ لماذا لا تكون الأسرة كثيرة الخلافات، والمشاكل، والأخطاء قادرة علي أن تزرع شيئًا أو تكون صورة أجمل من صورة "الأسرة السعيدة المثالية"؟  لماذا لا يكون الإنسان كثير الخطايا جميلاً، ولا يدنو الإنسان المتدين الذي لا يخطيء؟ ألا يمكن أن تكون تجربة هذه الإنسان في الخطايا تجربة إنسانية جعلته يكون مشاعرًا مختلفة، وفهمًا أعمق تجاه الخير عن الشخص الذي يفعل الخير دائمًا، ولا يعرف قيمته الحقيقية؟

       

الأربعاء، 19 أبريل 2017

تسؤلات (2): هل الطبيعة عادلة؟ وهل تصلح معيارًا للخطأ والصواب؟

تستند كثيرًا من الآراء الدينية والاجتماعية والسياسية لمختلف الأديان والطوائف والمذاهب الفكرية والسياسية والأخلاقية علي فكرة الطبيعة أو القانون الطبيعي أو الفطرة، بغض النظر عن الاختلاف في تأويل هذه الطبيعة. مثلاً كثير من معتنقي المسيحية والإسلام يهاجمون بقسوة فكرة المثلية لأنها مخالفة الطبيعة؛ لأن الطبيعة هي علاقة الذكر والأنثى بغرض الإنجاب، ويرد أنصار المثلية بأن أكثر من 1500 نوع حيواني يمارس المثلية،؛ فهي إذًا طبيعية. وفلاسفة  الليبرالية الأوائل من أمثال روسو ولوك دافعوا عن الحرية بحجة أنها القانون الطبيعي والفطرة الإنسانية الطبيعية. ويدافع انصار الزواج الفردي عنه بأنه هو الطبيعة، بينما يدافع أنصار التعدد عنه بأن الطبيعة الإنسانية تميل للتعدد. ويجادل المسلمون بأن فطرة الله التي خلق الناس عليها هي الإيمان به، وأن الإلحاد ضد الفطرة الإنسانية.

بغض النظر عن تنوع هذه الموضوعات، وتنوع وجهات النظر فيها، نرى الطبيعة يتم التعامل معها  كمعيار الصواب، والخطأ؛ فما يتفق معها هو الصواب، وما يتنافر معها هو حتمًا خطأ. 

 لكن التساؤل المهم هو لماذا نبدأ بافتراض أن الطبيعة هي الحق؟ لماذا نفترض أن ما يتفق معها هو الصواب، وما يختلف عنها هو الخطأ؟ من أين لنا أن نثبت عدالة أو جمال أو حقيقية أو مثالية الطبيعة؟  أين الدليل علي ذلك؟ 

لنسأل سؤالاً أوليًا: هل الطبيعة عادلة؟

هل من العدل أن القوي يأكل الأضعف؟ هل من العدل أن الأنسب للبيئة بمحض الصدفة هو الذي ينجو من الهلاك؟ هل من العدل أن الطبيعة تحتوي كائنات تملك قدرات تفتقر إليها كائنات أخرى؟ هل من العدل أن الأنثى تملك القدرة علي الحمل، ويفرض عليها تبعات ألم الحمل، ولا يفرض علي الذكر ذلك، بل لا يملك اختياره أصلاً؟ هل من العدل أن الذكر يستطيع إختراق فرج الانثى، ولا تستطيع الأنثى ذلك بالمقابل؟ هل من العدل أن هناك أفراد يولدون مفتقرين إلى أعضاء، وأفرادًا  اّخرين يولدون بهذه الأعضاء؟ هل من العدل أن النظام الطبيعي بالكامل مستند علي فكرتين متناقضتين؛ الأولى هي التضامن بين الكائنات الحية، والثانية هي احتياج الكائنات الحية لإيذاء بعضها لتنجو بل واستفادة بعض الكائنات من ضرر كائنات أخرى (مثل البكتريا التي تعيش علي الأجساد الميتة)؟ 

هذه مجرد نماذج لأسئلة تجعلنا نتشكك في عدالة نظام الطبيعة، ويجب أن نحدد أولاً أن الطبيعة عادلة حتي نبدأ في دراسة هل تصلح كمعيار أخلاًقي أمً لا. 

الاثنين، 17 أبريل 2017

تساؤلات (1): مشكلة النعيم والجحيم

          الفكرة التقليدية في الأديان الإبراهيمية (وبعض الأديان غير الإبراهيمية) أن الحياة تليها حياة أخري؛ بها نعيم أو جحيم. وتختلف صورة  ومفهوم النعيم أو الجحيم طبقًا للديانة؛ فالمصريون القدماء مثلاُ رأوا الجحيم في خسران القلب، وهو فرصة الحياة في الحياة الأخرى. والنظرة المسيحية التقليدية مثلاُ ترى أن النعيم هو "السما" وهي حياة أخرى فيها خير فقط وفيها صلاة للرب، ولا يوجد فيها ملذات أرضية "رخيصة" كالجنس.  والمسلمون يرون أن الجنة هي أرض الملذات الكاملة؛ حيث يحصل الفرد علي كل ما تمنى، وحرم منه في الدنيا لأجل طاعة الله.  والنار هي الهولوكوست الحقيقي بأبشع صور التعذيب. هناك نسخ جديدة أكثر انفتاحًا في مفهوم النعيم والجحيم خاصة في البروتستانتية المسيحية لكنها تتمسك بنوع من النعيم ونوع من فقدان النعيم.

          بغض النظر عن الصور المختلفة للنعيم والجحيم، لكن الشيء المشترك بين شتى هذه الصور هو فكرة أن الإنسان الذي يعيش بالطريقة التي يرتضيها الإله، ويمتنع عن نواهيه يكون مصيره النعيم، والمخالف لهذا السبيل يكون مصيره الجحيم. التشبيه الشهير الذي يسوقه بعض المسلمين أن الحياة اختبار؛ ومن ينجح في الاختبار يكافأ بالنعيم، ومن يفشل يكون مصيره الجحيم.

            لكن المشكلة الحقيقية في هذه القراءة أنها ترتبط بمنظور إشكالي للإله، وتتعارض مع فكرة الإله الخير. نحن نتوقع من المعلمة أن تقيمنا بدرجات منخفضة بعد الاختبار أو تعاقبنا، ونتوقع من القاضي أن يحكم علي المتهمة بغرض التقويم و الردع العقابي. لكن الحياة الأولى حسب الديانات التي تؤمن بالنعيم والجحيم حياة واحدة. هذا يعني أن الفرد لا يمنح فرصة التعلم بعد العقوبة.

            هناك احتمال آخر؛ هذا الاحتمال هو أن الإله يختبرنا حتى يحدد من منا الأصلح للنعيم. هنا يكون الإله مثل الشخص الذي يختبر الأنسب لشغل الوظيفة ؛لكن هذا الشخص عندما يختار الأنسب يكتفي باختيار الأنسب دون قصد الإضرار بغير المناسبين. لكن الإله هنا يقصد الإضرار بكل من يفشل في الوصول للنعيم.

              هذه الفكرة عن النعيم، والجحيم تستخف بفكرة الإله. الإله لا يجب أن يكون شخصُا غريبًا، يعذب البشر، ويختبرهم حتى يحدد من سيكون وسط مجموعة النعيم ومن سيوضع وسط مجموعة الجحيم. الإله يجب أن يرقى فوق هذه الطريقة الإنسانية في التفكير، والتصنيف، والتلاعب. الموضوع يشبه اللعبة التي يلعبها الإله بنا، الإله يجب أن يرقي فوق مستوي التلاعب.

             أنا لا أملك إجابة بخصوص الحياة الأخرى، وإن كانت موجودة أم لا، لكن نظرتي للإله تأبي أن أسلم بهذه الفكرة عنه، وعن حكمته في خلق الحياة.    

ملحوظة: هدف هذه المجموعة هو  خلق أسئلة وأفكار في عقلك، وهذا يعني أن المطلوب منك أن تفكر/ي في هذه الأسئلة، وتحاول/ي إيجاد حلول لها، ؛ سواءًا وجدت أو لم تجد/ي.
          

تساؤلات

مجموعة "تساؤلات" عبارة عن أسئلة فلسفية سريعة؛ كل سؤال في قطعة واحدة عن موضوعات مختلفة دينية، واجتماعية، وسياسية، وأخلاقية. هدف هذه المجموعة ليس إعلان رأيي في مواضيع محددة أو ترويج أفكار بعينها؛ هدف هذه المجموعة مجرد إلقاء أسئلة تمثل تحديًا للأفكار السائدة التي لم يفكر الكثير بخلافها من قبل. هذه المجموعة لمن يريد/تريد فعلاً التفكير بحرية حقيقة، ومواجهة خطر زيف كل الأفكار التي لم يفكر باحتمال زيفها من قبل. إنها دفع للعقل للتحرر من قيود التفكير، وللتحدي.

الاثنين، 30 يناير 2017

تفوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو علي مجتمع ميستاهلش حتي التفة

(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

أنا حصل لي النهاردة موقف لازم أحكيه، و إلا هأموت من الفقعة من المجتمع ده بقي. أنا تعبت. 
النهاردة كنت ماشية مع واحدة صاحبتي في شارع شبرا الرئيسي الساعة 12 الضهر (الساعة  12 الضهر، و في شارع شبرا الرئيسي، واخدين بالكم؟) فجأة لقيت شاب، وقف قدامنا، و فتح بنطلونه، وطلع قضيبه. صاحبتي، إتصدمت، و خافت، لكن قلت لها تهدي، وإنه لو قرب منا هأفرمه.
 عديناه، و فضلنا ماشيين، و هو ماشي جنينا في الشارع، بعد ما قفل بنطلونه، مسافة طويلة جدًا من روض الفرج لمسرة (واخدين بالكم من المسافة!)، و بعدين، وقف قدمنا في نص الشارع تاني، وطلع قضيبه، وفضل يدخله، و يطلعه، و يمارس العادة السرية قدامنا في نص الشارع.
أنا صرخت:
"إنتَ مجنون يا راجل إنت؟ و لا بتستجن"
 المبهر إن فيه عيلة و معاها طفل عدت قدامنا، و أنا بأصرخ، و عادي، و مافيش حد في الشارع إتدخل، ولا قال حاجة.
أنا لو ماشية بمايوه أو بوست واحد في نص الشارع، الناس هتاخدني القسم، وهلاقي نفسي واخدة 55 سنين سجن. لكن الراجل ده يطلع قضيبه، و يتحرش بيا الوقت ده كله أنا و صاجبتي في الشارع عادي!
 أنا فضلت مصدومة بأضحك مش قادرة أفكر، لكن كنت مقررة إنه لو قرب، هيتفرم، و ما كنتش خايفة منه، و كنت مستنة يقرب بس عشان أخليه بسيسة، بس هو ماقربش، و أنا مشيت بأضحك بهيستريا من الصدمة.
شوية، ولقيت واحد بتوكتوك بيقول لي
"دي أفخم رجل انا شفتها"
و كأن رجلي رجل صفرة، ولا كرسي خشب مدهب مش رجل بني ادمه!
 أنا مش متخيلة كمية الزبالة بتاعة المجتمع ده، ماحدش فارق معاه إنه بيتحرش بينا، و لا إن قيه راجل طلع أعضاؤه التناسلية كده عادي في نص الشارع، بس فارق معاه أوي إن ست جزء من جسمها عريان أو إن راجل و ست يحبوا بعض، و يعبروا عن الحب ده قدامهم في نص الشارع.
 لو اللي حصل ده كانت ست عملته قدام راجل، كان زمان الدنيا إتقلبت، والفيسبوك إتملي كلام عنها، و بقت قضية رأي عام، و كانت فضلت في السجن سنين و سنين.
المجتمع ده وسخ، وهيفضل يصدمني، و يبهرني بوساخته.
"المجتمع المحافظ و الشعب المتدين بطبعه"
ناقص بس أقول موقف واحد معبر جدًا عن المجتمع ده.
وأنا ماشية في شبرا شفت فترينة ملابس داخلية للذكور، مكتوب فيها علي بوكسر جملة
"ممنوع الوقوف المتكرر"
 و معروض البوكسر عادي في الشارع، و طبعًا الناس فاهمة الجملة دي معناها إيه، بس ده مش بيخدش حياء المجتمع، اللي هدير، و الكلام عن المثلية بيخدشوا حياؤه.
 تفوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو علي مجتمع ميستاهلش حتي التفة.

الأحد، 1 يناير 2017

أنظر في المراّة

         (هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

         أنت تفرض/ين ما هو صواب لك؛ أليس كذلك؟
         أنت تريد/ين أن تجعل/ين الاّخرين مثلك أويخضعون لما تؤمن/ين أنه صواب أوعلي الأقل لا يظهرون اختلافهم أمامك؛ أليس كذلك؟
          أنت تؤمن/ين أن الحقيقة واحدة مطلقة وأنك تملكها/تملكينها، وأنك يحق لك أن تفرض/ي هذه الحقيقة قسرًا وقهرًا علي الاّخرين؛ أليس كذلك؟
           أنت ديكتاتور/ة تؤمن/ين أن معك حق فرض قناعاتك علي الاّخرين؛ ما دمت أنت المحق/ة؛ أليس كذلك؟
            أنت مزدوج/ة ومنافق/ة تريد/ين للناس أن يبدوا أمامك بشكل مناسب لقناعاتك حتي وإن فتحت لهم بابًا خلفيًا يمارسون فيه كل ما يخالف قناعاتك ما دام الباب خلفك، و تستطيع/ين أن تتظاهر/ي أنك لا تراه/ترينه؛ أليس كذلك؟
           إن قلت أنك لست كذلك؛ فدع/ي المراّة، تأخذ فرصتها لتريك/ي مشاهد منك، تؤكد لك الصورة التي تظهر فيها.
           أنت تقول/ين أنك ضد داعش، وأفكارها الداعشية الإرهابية؛ فهل أنت مختلف/ة؟
            هل لن تضرب/ي أو تنكل/ي بملحد/ة إن سمعت كلامه/ا أمامك أو تبلغ/ين الشرطة عنه/ا أو علي الأقل تصفق/ين للشرطة إن ألقت القبض عليه/ا؛ لتخلصك من المختلفين عنك دينيًا، والذين يدعون أن إلهك غير موجود؟
           ألن تقول/ي عن المتحولة جنسيًا من ذكر لأنثي أنها ذكر مخنث يستحق القتل أو فرض الرجولة بالقوة عليه؟ ألن تؤيد/ي التعقيدات الموضوعة أمام أي متحولة لإتمام تحولها؟ ألا تنفر/ين منها أو حتي تضربها/تضربينها أو تنكل/ي بها إن علمت جنسها السابق؟ ألن تؤيد/ين الداخيلة ضدها وهي تعتقلها لارتداء ملابس أنثي أو ترفض تغيير الجنس لها في البطاقة ضد إرادة الأطباء؟
            ألن تحبس/ي ابنتك إن أحبت مسيحيًا، وتضربها/تضربينها، وتربيها/تربينها وتحاول/ين قتل المسيحي أو تأديبه، وإشعال الفتنة في منطقتك؛ لأن فردًا من قبيلة معادية كاد أن يمس فرج ابنتك؟
           ألن تدافع -بل ربما- تنفذ أنت حكم الإعدام، وحتي الاغتصاب علي مثلي إن علمت ميله الجنسي؟ وإن كنت "مثقفًا" ستقول أنه "مريض نفسي"، و يجب فرض العلاج عليه؟
           ألن تنظر/ي باحتقار لامرأة ترتدي ملابس لا تعجبك في الشارع أو تتصرف مع ذكر بطريقة تراها/ترينها فاجرة؟
           ستقول/ين لي في كل ذلك أن معك الحق، وأن كل هؤلاء يختلفون عن عادات وتقاليد المجتمع الشرقي، و تعاليم الإسلام، وقد يكون مصيرهم النار، ومصر دولة إسلامية، بأغلبية مسلمة. لن أتناقش معك في ذلك لكن دعني/دعيني أسألك سؤالاً.
            هل تؤيد/ين منع الحجاب أو الاّذان في أي دولة أوروبية؟
            هل تؤيد/ين حرية نشر الرسومات المسيئة للرسول؟
             إن كانت إجابتك بلا، فأنت مزدوج/ة منافق/ة؛ لأن هذه الدولة بأغلبية غير مسلمة، وتؤمن بعادات وتقاليد تعتبر الحجاب، و الاّذان شيء يناقض مبادئها. وإن كانت إجابتك بنعم فأنت تؤمن/ين أن الحق قوامه قوة الأغلبية، وهي فكرة ستجعل الحق الذي تؤمن/ين به مصدره ليس الإسلام أو المباديء التي تؤمن/ين بها، إنما مصدره امتلاكك للأغلبية.
             أريد أن أؤكد لك شيئًا اّخر، أنت منافق/ة فيه.
             أنت تفتح/ين الباب الخلفي لكل ما تريد/ين طمسه في مواجهتك.
             ألا تسمح/ين لابنتك بإحضار صديقتها للمنزل، والبقاء معها في غرفة مغلقة لوقت طويل؟ ألا تحضري/ين بنفسك لابنتك امرأة تساعدها في إزالة شعر جسدها نصف عارًا، وهما وحدهما؟ ألا تسمح/ين لابنك أن يمضي وقتًا طويلاً في بيت صديقه للمذاكرة؟
            ألا تسمح/ين لكل شخص بأن يفكر سرًا في الله-عزوجل- كما يشاء، و يقول ما يشاء بصوت منخفض مع مجموعات مغلقة، طالما لا ينشر أفكاره بأي طريق حتي الشبكة العنكبوتية؟
             ألا تسمح/ين لمن حولك أن يتركوا الصلاة ماداموا يصلون الجمعة بالجامع؟
             ألا تسمح/ين للناس بالإفطار في رمضان ماداموا لا يجهرون أمام الاّخرين؟
             ألن تتسامح مع خطأ لابنتك أو لزوجتك ما دام غشاء البكارة "الدليل الظاهر" سليم، و مادامت لا تعلم أنك تعرف عن علاقاتها؟
            ألن تتغاضي عن متحولة جنسيًا إن كانت تمارس أنوثتها في غرفتها المغلقة؟
            لا أريد أن أطيل أكثر، فقط أريدك أن تستعيد/ين بقية المشاهد في ذاكرتك، بدلاً من المراّة.
            لكنني أعلم أنك تكره/ين المرايا، و ستكره/ين هذا الجزء من الذاكرة.
             أعلم أنك غالبًا ستختار/ين ألا تنظر/ين إليه.