الخميس، 3 نوفمبر 2011

ثورة في أجازة نصف العام (1)



اليوم جاءت أمي لتقول لي أننا سنذهب غداً للبيات خارج المنزل، تحمست جداً جداً جداً (بصراحة أمي لم تجعلنا نبيت كبقية زملائي عند أقاربنا من قبل، فهم يتشاجرون كثيراً حول أمور تافهة). ولكنها لم تخبرني إلى أين سنذهب، رأيت سيارات ضخمة للجيش تسير في الشوارع في التلفاز، ولم تسمح لي أمي أن أشاهد المزيد، سمعت أمي وأبي يتحدثان عن حظر التجوال، لقد سمعت هذه العبارة في فيلم من قبل وتعني ألا يسير أحد في الشارع، ولكن هناك الكثيرون حول الدبابات خارج المنزل رغم أننا صرنا في منتصف الليل.
أنا سعيدة، ومتحمسة فأنا أشعر أني مقبلة على مغامرة، ولكني غاضبة، لأن أمي تصر على ألا تخبرني بشئ وشكلها ستمنعني من المشاركة في هذه المغامرة، ولكني سأشارك فيها، وسأثبت لأبطال الديجيتال أني لست أقل منهم. وسأثبت لأماني التى سخرت مني أني أستحق أن أكون مثل أبطال الديجيتال وأني لست ضعيفة.
      
       ماما لم تجعلني اّخذ معى أقلامي ودفتر يومياتي، وقالت أننا لا نستطيع أن نأخذ معنا أشياء كثيرة وأخرجت ألواني ولعبة بي بليد من حقيبتي، ولما قلت أنني لا أستطيع أن يمر يوم لا أكتب حتى لا تغضب مني أستاذة بسمة أعطتني أوراق ملونة وقلماً، الأوراق جميلة عليها ورود فيها سطور للكتابة، الورود الملونة جميلة وحولها فراشات، بصراحة أحببت الأوراق كثيراً وسأكتب فيها بدلاً من دفتري، وعندما أعود إلى المدرسة بعد الأجازة سأريها إلى الأستاذة بسمة، أعتقد أنها ستحبها أيضاً، وسأريها أيضاً، ما سأكتب في هذه الرحلة، أنا متحمسة، متحمسة!!!!!! .
اليوم وصلنا إلى ميدان التحرير، المكان رائع رااااااائع! الناس هنا كثيرون جداً جداً جداً جداً لا يكاد الواحد يجد سنتيمتراً فارغاً ليقف فيه، بصراحة خفت أن أضيع من ماما أو أن يفعصني أحدهم! أول ما تقدمنا نحو الميدان من ناحية الجسر رأيت صفاً طويلاً من الرجال والنساء الذين فتشوا أبي وماما، وكانت هناك فتاة لطيفة أكبر مني، شعرها ناعم وجميل فتشتني (لم أقبل ألا يفتشني أحد، فأنا لست صغيرة).
عندما دخلت الميدان وجدت شباباً يحملون لافتات مضحكة جداً. إحدى اللافتات كان عليها " مبارك إرحل .. أنا عايز استحمى"، وكانت هناك نكات كثيرة (سأقصها لأصدقائي عندما أعود إلى المدرسة)، لم أتوقف عن الضحك وقص النكات لمن حولي طوال اليوم !.


وقدمت لي سيدة كبيرة البسكويت المملح، شكرتها ولكني تمنيت لو كان حلو المذاق، فأنا لا أحب البسكويت المملح. ولكني سأحتفظ بعلبة البسكويت حتى أكبر، صحيح أن أمي تقول أنها ستفسد ولكني سأحتفظ بها لأوريها لأبنائي وأصدقائي عندما أكبر.


نصب أبي خيمتنا مع أصدقائه، لم اكن أحبهم من قبل فجلساتهم مملة وكنت دائماً عندما أجبر على حضورها، اّخذ دفتري وأبقى أرسم حتى تنتهى الجلسة الطويييييلة الممممممملة. ولكنهم اليوم لذيذون حقاً، ولم يعاملوني كالطفلة وتعرفت على ابنتهم تسنيم – إنها ترتدى الحجاب، صحيح أنني لا أحب الحجاب ولكني أحببتها جداً – فهي رقية ومثلي تمل من جلستهم، وجلسنا معاً وحكت لي عن مدرستها وأصدقائها وحكيت لها أنا أيضاً، ووجدت أنها تعشق بي بليد وأبطال الديجيتال وناروتو مثلي تماماً، هيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه !!!!


أعتقد أنني سأقضي وقتاً ممتعاً هنا، ومن يدري قد أحيا المغامرة التى أحلم بها وأثبت لأماني أني استحق أن أكون بطلة، أجل سأفعل، سأفعل ! سأفعل !!!!!!!
الجيش هنا لطفاء جداً فهم يضحكون معنا ويمزحون، وليسوا أشداء كما ظننتهم، ولكن المصفحات والدبابات كبيرة كبيرة كبيرة، لم أتخيلها أبداً كذلك، ولكن سيكون لدي مغامرة كبيرة فيها جيش ودبابات أحكيها عندما أعود، رائع رائع رائع!


تعرفت اليوم على فتى يسمى مراد (اسم قديم جداً) ولعبت معه ولكنه رفض أن يضربني كما يفعل الأولاد معي في المدرسة مهما حاولت ضربه، بصراحة غضبت منه، أنا لست أضعف ، لأني فتاة وسأثبت له ذلك، أجل سأثبت له ذلك.


أنا عموماً سعيدة جداً، ماما لم تعد تعارض أن أتحدث وألعب مع أبناء البوابين والعمال. لقد كانت تقول لي دائماً أنهم قد يخطفونني ورفضت أن أعطى المال حتى لبنت البواب الصغيرة. لقد كانت تقول أنهم سيحسبوننا أثرياء ويخطفوني، وكنت أخاف حقاً، ولكني كنت أريد أن ألعب معهم بدلاً من الحبسة التى أحيا بها بسبب خوف أمي عليًّ، ولكنها الآن تتركني ألعب معهم كما أشاء. إنهم لطفاء جداً وأنا أحبهم جداً جداً جداً، وأثق بهم ولست خائفة، تقول ماما أن الخوف أسقطته الثورة، وأنا لن أخاف من أصدقائي أبداً لو علم لو في " بطل Onepiece " بأني أخاف أصدقائي حتماً سيغضب مني.
ولكني سعيدة أخيراً صار لي أصدقاء بدون أن أخاف وهم لا يسخرون مني كأماني وتختوخة (بطيخة)، أنا سعيدة بأصدقائي الجدد كلهم (حتى مراد الذي سأثبت له قوتي) سعيدة جداً جداً جداً .


تعرفت على شابة جميلة جداً جداً في كلية فنون جميلة، وقالت على رسمي أنه رائع (هيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه ) !. طبعاً حاولت أن أظهر خجلي ولكنها قالت أن وجتنى لم تحمرا (أوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووف !). لقد أعطتنى ألوان وجعلتنى أشارك في الرسم وعلقت لوحاتي مع لوحات زملائها على جدران الميدان. أنا سعيدة، سعيدة، سعيدة، وسأبقى أرسم وأرسم وأرسم.
يا ترى ماذا أرسم؟ الجميع هنا يرسمون الثورة وعلم مصر، أنا أحب مصر جداً، ولكني لا أحب النسر كان سيصير أفضل لو كان مكان النسر الهرم، ولكن لا يهم، المهم أنه علم بلادي التى أحبها        جداً جداً جداً .

سأرسم علم مصر، أجل، وجدتها، وجدتها! وجدتها! سأرسم معه نبتتي الخضراء التى زرعتها، وسأرسم أنا وأماني وبطيخة ومراد وتسنيم ونحن نسقيها- وسأرسم معنا أستاذة بسمة وإيمان (الرسامة) وكل من هنا في الميدان. فكرة عبقرية، يا سلام على ذكائي، الموضوع فيه رمز! رمز لمصر عندما تكبر كالنبتة. ولقد وعدت أن أزرع مصر لتثمر كنبتتي وأنا أرويها بأحلامي، أجل، سأرسم قلب كبير داخله كلمة " أحلامي" وداخله علم مصر ونحن جميعاً رائع، رائع، رائع، سأسرع لأرسمه وأريه لإيمان وماما وأعلقه ليراه الجميع، لتراه بلادي.


قابلت مرنا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! قابلتها هنا في الميدان، وأنا ألعب مع تسنيم ومراد! مرنا صديقة رائعة لي في المدرسة، لقد كانت تدافع عني عندما يسخر مني بطيخة وأماني. وكانت تلعب معي عندما يرفض الجميع، ولكنها لا تحب الرسوم المتحركة التى أحبها، فهي تفضل الرسوم المتحركة على كوكب زمردة لا أكشن الذي أتفرج عليه .. ولكن هذا لا يهم، المهم أنها صديقتي الصدووووووووووووقة !
أمي كانت ترفض أن أقترب منها وألعب معها، فهي تقول أن أهلها مسيحيون، وأنهم وحشين وكفار وسيذهبون إلى النار، لكن مرنا لطيفة وطيبة وتدافع عني وهي صديقتي لا يجب أن أتخلى عنها أبداً، لم يكن لوفي ليتخلي عن أصدقائه، لأنهم مسيحيون (لحظة هل لو في مسلم أصلاً؟) أنا لا أعرف.
أحب مرنا جداً، وسعيدة جداً جداً جداً جداً جداً جداً أنها معنى في الميدان. أخيراً سنلعب سوياً، ليتنى أحضرت معي البي بليد، فمرنا ومراد وتسنيم يحبون البي بليد، ولكن أمي رفضت أن أحضرها، لا يهم المهم أن نلعب سوياً جميعاً !


أمي صارت صديقة لأم مرنا !!!! أجل، وصارتا كالأختين (هكذا تقول أمي)، أنهما يحبان نفس الألوان (لاحظت ذلك)، ويعملان طبيبتي نساء وتوليد، ولدى كل منهما ابنة واحدة، لقد صارتا قريبتين جداً، ويعزمنا على أكلهما، وانضمت أمي للجنة التى فيها أم مرنا في الميدان، أنا سعيدة! أخيراً لن تعارض أمي لعبي مع مرنا وسنرسم سوياً على جدران الميدان !
تعرفت على فتى أكبر منى بعامين اسمه " صلاح"، أمه ماتت في التحرير منذ أيام! أنا حزينة لأجله جداً، فأنا لا أتخيل أن تموت ماما أبداً الآن أو بعد سنوات (لالالالالالالا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! إنها فكرة مرعبة). يقول صلاح أن مبارك قتل أمه، وأنه لن يترك الميدان حتى يشعر أنه أعاد حقها، لو كنت مكانه لتمنيت الانتقام من مبارك، ولكنه يقول أن أمه ماتت من أجل مصر مثل شهداء 6 أكتوبر، وأن الشهداء لا يبغون الثأر ولكن صناعة مصر.
أحببته جداً، فهو رقيق، ويبدو أعقل كثيراً منا (أكبر منا بعامين)، ولكنه لا يحب البي بليد ويقول أنها لعبة أطفال (ليست لعبة أطفال أبداً). ولكنه طيب ويلعب معنا، وهو على الأقل لا يمانع أن يضربني وأجرى خلفه. لقد صار من أصدقائي الآن، لقد صار لي أصدقاء كثيرين الآن.
      


قابلت أستاذة بسمة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
لا أصدق؛ لقد قابلت أستاذة بسمة هنا !!!!! كنت ألعب مع مراد وتسنيم ومرنا (كان صلاح مع والده) ووجدت أحداً ما يقول لي يا قمر، فنظرت خلفي وجدت شاباً لطيفاً أعطاني شيكولاته، ونظرت خلفه وجدت أستاذة بسمة (لم تلحظني)، ولكني تجاهلت شكر الشاب وقفزت فوقها (يالي من حمقاء، قليلة الذوق!).
قبلتنى أستاذة بسمة وابتسمت لي، وقدمت لها تسنيم ومراد (فهي تعرف مرنا بالطبع)، قلت لأستاذة بسمة أنني كتبت كثيراً في أوراقي الملونة، ولكنها قالت لي أنها لا تريد أن ترى ما كتبت قبل أن انتهى من الإجازة كلها (يا سلام ! حتى نهاية الأجازة، سأكون قد كتبت أشياء كثيرة جداً!). اليوم اكتملت عائلتي الكبيرة، لا ينقصني سوى أماني وبطيخة وبعض أصدقاء المدرسة. أنا سعيدة، لم أتخيل أن أقابل الجميع هنا وأصدقاء جدد، وأكون دائرة أكبر (تقول أستاذة بسمة أن معارفنا كالدائرة التى تكبر كلما زادوا)، لا أريد أن أترك الميدان أبداً، أريد أن أحيا هنا إلى الأبد، إلى الأبد .


اليوم المليوووووووووووووونية! فعلاً مليونية، الناس ازدادوا جداً جداً جداً جداً جداً  جداً جداً  جداً جداً  جداً جداً . أول مرة أسير وسط مليون إنسان! لا أتخيل هذا! أنا الآن وسط مليون مصري في ميدان واحد! لا أصدق ! الناس هنا مشكلون! يرتدون أشياء مختلفة وألوان مختلفة وهيئاتهم مختلفة. (كانت أمي تقول أن من يحبون عبد الناصر يكرهون السادات، ومن يحبون السادات يكرهون عبد الناصر) ولكن هناك صور للسادات وعبد الناصر ملصقين جنب بعض هنا! وهناك شباب يرفعون صور عبد الناصر وأسفلها (رمز الكرامة). الجميع هنا يحمل العلم (وأنا أيضاً بالطبع أحمل علمي منذ جئت إلى الميدان!). لم أعد أعرف دائرتي من، فالدائرة اتسعت جداً جداً جداً جداً جداً جداً لقد صار فيها مليون مصري !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


سمحت لي أمي أن اهتف اليوم، وحملني أبي ورحت أهتف " الشعب يريد إسقاط النظام" و "الشعب يريد إسقاط الرئيس" و"كرامة حرية عدالة اجتماعية"، وهتف خلفي المئات !!!! .
أجل المئات ! وكان مراد ومرنا وتسنيم وصالح يهتفون خلفي، حتى أصدقاء بابا الذين كانوا يعاملونني كطفلة هتفوا خلفي اليوم، اليوم حققت هدفي، وعشت مغامرتي فعلاً، وهتفت اليوم كما كنت أحيي العلم دوماً في المدرسة (أنا أقاتل مثل أبطالي)، ولدي أصدقائي الذين يقاتلون معي، وأنا حقاً لا أعرف كيف أصف سعادتي) أنا أحب مصر وأحب أصدقائي وأمي وأبي وأستاذة بسمة وأحب الجميع هنا، وأحب الميدان .....


اليوم، وأنا ألعب مع أصدقائي، وأرفف علمي الكبير، اقتربت مني طفلة تصغرني بعام، ترتدي ملابس فقيرة (ترتدي ملابس منزل!) وطلبت مني أن أعطيها علمي، فهي لا تملك نقوداً لشراء العلم وهم يبيعونه بـ 10 جنيهات. لم أجد معي فكة أعطيها لها لتشتري علماً، فأعطيتها علمي، أنا سعيدة، أشعر براحة غريبة منذ أعطيتها العلم (أشترت لي أمي واحداً آخر) ولكني كنت سعيدة عندما شعرت أنها بدأت تبتسم. لقد صارت صديقتي واسمها هو " ياسمين". أنا سعيدة حقاً، أشعر بسعادة لم أشعر بها من قبل، فهمت ما كانت تقوله لنا أستاذة بسمة (لا أحد منا يسعد بصدق إلا إذا أسعد من حوله). أنا أتعلم الكثير هنا، أجل أتعلم الكثير .



تباع هنا قلائد ورقية عليها " 25 يناير" و "النصر لمصر" وخلفيتها كلها علم مصر وصور الشهداء في القليل منها، كما تباع بالونات ملونة على هيئة قلب وأعلام مختلفة الأحجام. اشتريت قلادتين من كل شكل (لو تقطعت واحدة أجد واحدة احتياطي)، واشتريت علمين (واحد كبير وواحد صغير)، واشتريت بالون على هيئة قلب وكتبت عليه " الميدان " ورسمتني أنا ومرنا ومراد وأستاذة بسمة وتسنيم وصلاح وأم مرنا وماما وبابا عليه. أنا سعيدة سأحتفظ بكل شئ اشتريته هنا لسنوات حتى أريه لأبنائي وأضعه في بيتي عندما أكبر، لدي الكثير لأضعه سأضع ركناً في منزلي للميدان.


اللافتات اليوم تفطس من الضحك! رأيت لافتة مكتوب عليها " لو ماكونتش عارف يعني إيه إرحل (إرحل بالصيني والعربي) وكتبها باللغتين (طبعاً لم أعرف كيف أقرأ هذه الحروف الغريبة!). ورأيت لافتة ضخمة جداً في الميدان عليها (يا سوزان خافي عليه واسحبيه!) و(إرحل إيدي وجعتني!). ورأيت امرأة توزع أوراقاً كانت سمينة وشكلها لطيف و – ملظلظة – وأخذت منها ورقة وكتبت لافتة، كتبت (إرحل، عايزه ألعب بالبي بليد!).
كانت إيمان وشباب آخرون يكتبون على الأرض اللافتات وأعجبت إيمان بلافتتى وبقيت أحملها طويلاً حتى تعبت وجلست واسندتها إلى الحائط، وعدت أهتف خلف الشباب " مش هنمشي هو يمشي". و " الشعب يريد إسقاط النظام".
أنا سعيدة سيكون لدي الكثير لأحكيه لأبنائي فبعد ما حدث اليوم لا يمكن أن يبقي مبارك لدقيقة، إلا إذا كان أعند مني عندما أريد شراء بي بليد جديد ! .
يقول الجميع أن مبارك سيلقى خطاباً أخيراً ويعبرنا، أنا أنتظر هذا الخطاب بفارغ اصبر، ولن أنام قبل أن أسمعه، وأرى أننا قد انتصرنا وأثبت للجميع أننا كلنا (دائرتي الواسعة جداً) انتصرنا على مبارك.


أيقظتني أمي بعد أن نمت لأرى خطاب مبارك على الشاشات الضخمة التى علقوها اليوم. كان يتحدث بطريقة لم أفهم منها الكثير، فقد كانت لغته صعبة، ولكن أستاذة بسمة شرحت لي أنه يقول أنه لن يترشح لفترة تالية. أبي يصدقه وقال أنه صعب عليه وأنه كأبوه ولا يجب عليه أن يهينه أبداً، بصراحة لم أفهم لو كان كأبو بابا فهو إذاً كجدي، ولكنه ليس كجدي، جدي طيب ولم يؤذ أحد. جدي يحبني وأراه كثيراً ويشترِ لي ولأصحابي الهدايا والجميع يحبه، لكن مبارك لم أكن أراه أبداً، لم أره مرة واحدة يسير في الشارع. حتى عندما وزعت علينا كتب القراءة للجميع عليها صورة " ماما سوزان" لم نر سوزان (جدتي) أبداً !.
صلاح يقول أنه لا يصدق شخصاً قتل أمه، مراد يقول أن والديه أيضاً يصدقان مبارك ويقولان أنه رمز لنا ولا يمكن أن نهينه. (ماذا يعني رمز؟) أنا لا أفهمها أبداً. أنا لا أقتنع أن هناك شخص يعد رمزاً مثله، أشعر أن دائرتي بدأت تنقسم أهل تسنيم لا يصدقون مبارك، أما تسنيم فتقول أنه " صعب عليها".
أنا خائفة أشعر أن عائلتي ودائرتي تضيق من جديد، أستاذة نسمة تقول أنها لن تخبرني هل أصدقه أم لا؛ لأن عليّ وحدي الاختيار ولكنها ستبقى ولن تترك الميدان يعنى لا تصدقه. أنا لا أريد ترك الميدان لا أريد أن أخسر عالمي ووطني ونباتي ودائرتي، لا أريد لا أريد، لا أريد .

اليوم ودعنا صلاح وتسنيم وأهلهما وودعت أستاذة بسمة، التى طلبت منى ألا أتوقف عن الكتابة أبداً، لا أستطيع وصف لحظة فراقهم أنا أتعذب وأنا أودعهم وأمضي. دائرتي تضيق جداً جداً جداً جداً عليّ، ولا أستطيع أن أمضي في الكتابة. أنا آسفة يا أستاذة بسمة، ولكني لا أستطيع، لا أستطيع.

" يا لهم من جبناء، يهاجمون مواطنين عزل بأسلحة وجمال وحمير! حكت لي أستاذة فاطمة (مدرسة التاريخ) أن الجمال والسيوف كانت الأسلحة في الغزوات، فهل يا ترى نحن نواجه قريش؟ قريش أيضاً عذبوا المسلمين عندما أرادوا حرية الدين، ما الفرق ؟
بصراحة أول ما خطر ببالي كان أكيرا، وهو يقول لجبان شرير يهاجمه (أتهاجم أعزل بسلاح؟ لا عجب فهذا أسلوب الجبناء) مع أن أكيرا أقوى منا بكثير ويستطيع هزيمة السلاح.
ماما حاولت منعي من رؤية ما يحدث في التحرير، ولكني قلت لها أنني أنا الأخرى شاركت في القتال، والثورة ومن حقي أن أرى كل شئ، ولم انتظر لأسمع ردها واندفعت لأرى ما يحدث، لأرى الجمال وهي تقفز فوق دائرتي وتحاول كسرها، تحاول القضاء على أحب أصدقائي، رأيتهم وهم يقاتلوهم بالسيوف وبالنيران (يطلقونها من شئ غريب يسمي مولوتوف يشبه زجاجة العصير ولكن داخلها سلك).
أنا خائفة وقلقة، ماذا قد يكون قد حدث لأستاذة بسمة؟ هل مراد وتسنيم وصلاح بخير؟ أنا قلقة جداً جداً جداً. ولكني داخلي أشعر باطمئنان لأنني رأيتهم يقاتلون بقوة حتى وهم عزل تماماً كما فعل أهل القرية في ناروتو عندما قاتلوا السفاح المأجور بطاساتهم ومعالقهم! لقد قالوا أنهم سيحمون بلادهم حتى النهاية، وهذا ما يفعلونه أهل دائرتي الكبيرة جداً.
داخلي مطمئنة لأني أعلم أننا سنفوز في النهاية، وأنني سأخبر لوفي وأبطال الديجيتال وناروتو أننا حققنا حلمنا ولم نستسلم، أنا سعيدة؛ لأني أري الحقيقة، المستقبل، الأحلام أمامي بوضوح. سأعود إلى الميدان (بابا عرف أنه لا يجب أن يثق في شخص قتل أم صلاح) ولكني لن أعود فقط ليرحل مبارك أو لأرسم أو أكتب من جديد، سأعود فقط لأرى دائرتي التى انكسرت تلتئم وتكبر من جديد، ولكن سأعود لأسقى مصر دائماً وأبداً، لأجد نفسي وقد زرعتها من جديد كزرعتي الخضراء.






ولكن هذه المرة لن أزرعها وحدي، ولن أقاتل أبداً وحدي – كما تمنيت كثيراً – ولكن معي دائرة واسعة ستقاتل معي وستزرعها معي، فيها كثيرون أعرفهم، وكثيرون لا أعرفهم ولكني أعرف أن الجميع داخلها، وأنهم جميعاً يقاتلون معي، ويزرعونها معي، وأعرف أيضاً أنهم حقا، حتى ولو بدون وضوح بجواري، وأنهم لو أني لا أعرفهم شكلاً أو اسماً، أعرفهم ويعرفونني بأرواحنا، الآن أعود إلى الميدان .
اليوم عدنا إلى الميدان هيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه ! أستاذة بسمة ذراعها كسر فهي لم تقبل أن تترك الميدان رغم ما حدث، لقد كنت حزينة ولكنها انحنت على الأرض وضمتني إليها بذراعها الأيسر وقالت لي : " لا تقلقي عليّ، أنا لست أضعف من لوفي، ألم يحصل له أكثر من ذلك ؟" وضحكت. تذكرت لوفي وأنه حصل له أكثر من ذلك بكثيييييير ولكنه بقى صامداً، أستاذة بسمة ليست أضعف من لوفي أبداً، كل من هنا ليسوا أضعف من لوفي، دائرتي كلها تثبت يوماً بعد يوم أنها أقوى من كل أبطال رسومي المتحركة، أقوى منهم بكثير وسنثبت لهم ذلك، أنا سأثبته لهم جمييييييعاً .
عاد والد مراد ولعبت معه اليوم بالبي بليد (لم أنس إحضاره، ولم تكن أمي معي وأنا أحضر الحقيبة هذه المرة لتمنعنى من إحضاره، قابلت مرنا أم مرنا احتضنت أمي بقوة، وأنا ظللت أتحدث مع مرنا طويلاً جداً. صديق والدي (والد تسنيم أصيب في قدمه بشظايا ولا يستطيع القيام، تسنيم حزينة وتبكي كثيراً ولكني لم أتركها. وظللت أتحدث معها وظلت مرنا تساعدني حتى تمكنا من دفعها للعب معنا ومع مراد وصلاح ثانية حتى صارت أفضل كثيراً، وعادت تبتسم من جديد، عندما تبتسم تسنيم تلمع عيناها لمعاناً رائع (يا ترى هل عندما ابتسم تلمع عيناي؟) عندما أعود إلى المنزل سأرى نفسي وأنا ابتسم في المرآة !.
هذه المرة لن نترك الميدان، سأظل بجوار صلاح ومراد ومرنا وأستاذة بسمة وتسنيم وكل دائرتي الواسعة. هذه المرة لن أتراجع حتى أعيد حق أستاذة بسمة وأبو تسنيم وأم صلاح. لن أتراجع وسأظل أقاتل بشجاعة وجسارة، لن أتراجع حتى أرى الزرع ينبت ويكبر وحتى أراني أروي بلادي. يقول لوفي أنه لن يتراجع حتى يصل إلى النجوم، وأنا لن أتراجع حتى تصل بلادي إلى النجوم.

غداً الجمعة، معقولة! أخيراً سأري صلاة جمعة وقداس في الميدان! أم مرنا تقول أنهم سيعقدون قداس رمزي قبل صلاة الجمعة. أنا متحمسة جداً جداً جداً، يوم الجمعة سيكون رائعاً بالميدان، سيكون مليونية أخرى! يا ترى ماذا سيحدث غداً؟ أنا متشوقة جداً لا أستطيع الانتظار ! يا غداتعال بسرعة بسرعة بسرعة !

ذلك الحشري المدعو أوباما، ألا يلحظ أنه يفصلنا عنه نصف الكرة الأرضية ؟! أستاذة فاطمة أرتنا من قبل الخريطة. نحن في أول العالم وهو في آخره، لماذا إذاً ينحشر في أحوالنا؟! اليوم فهمت لافتة “Sorry America, Egyptians can do it by themselves”  يوم المليونية الماضية (غداً مليونية أخرى هييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه!). فعله أنا مغتاظة حشري جداً، كل خمس دقائق يعطي تصريحاً! وكل تصريح عكس الآخر، طيب حشري، لكن أيضاً غبي ومتناقض! أنا بصراحة لم أعد أفهم هو معنا أم مع مبارك؟. طلبت من أستاذة بسمة أن تشرح لي موقفه ذلك الحشري، ولكنها ضحكت وقالت: " لا أحد يعرف موقفه حتى هو !!!!!" فليشرح لي أحد ماذا يريد أو ماذا يعني هذا الحشري!




اليوم رأيت القداس! القداس جميل والأغاني التى رددوها حلوة جداً، غنيتها معهم، ومع مرنا ولكني لم أحفظها كلها بعد، تقول مرنا أن اسمها ترانيم، ولكنها رقيقة جداً، شعرت معها أني هدأت رغم أني كنت مغتاظة من مراد، لأنه لم يرض َأن يضربني -. ذكرتني الأغاني بأغاني سيبستون الجميلة، التى تريحني عندما أسمعها. تقول مرنا أنهم يغنون في الحفلات، أود أن أغني معهم جداً، وااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااء ! ولكن ألا يمكنني أن أغني معهم ذات يوم؟! ربما، أنا متحمسة !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق