الجمعة، 25 نوفمبر 2011

لنحيا حياة مصرية

هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ))

كل منا يتشدق ليلاً نهاراً بمصريته و بانتمائه لمصر العميق و باستعاداده للتضحية في سبيل مصر و لكن هل نحن مصريون حقاً ؟ هل نحمل الهوية المصرية ؟ هل تفاصيل حياتنا بصغرها و كبرها مصرية ؟ هل تصرفاتنا ، ملابسنا ، ألعابنا ، لغتنا ، فننا ، طعامنا و شرابنا مصريون ؟ هل نحيا حقاً حياة مصرية ؟

لو سئلت لن تكون الاجابة الصحيحة تماماً "نعم". ملابسنا اما غلابية أو خليجية ، ألعاب الأطفال اما غربية أو خليجية أو صينية و قليلاً جداً مصرية ،أفلامنا مقحم فيها البعد الغربي ، أغانينا بدأت تحتل هي الاّخري ،حتي ما فيها يدعي الشعبية ليس كاسفاف لا علاقة له بالفن الشعبي المصري .طعامنا أغلبه غربي الا من لا يملك حق الطعام الغربي ، و لكن ان امتلك حقه سيشتريه ، المطاعم أغلبها يعرض طعاماً وصفاته غربية و أخيراً صينية .لغتنا مقحم فيها ألفاظ غربية لا حصر لها ، و المصيبة أن هناك من يتفاخر بذلك ! و أولئك المتدينون –علي الأقل شكلاً_ يدسون عبارات فصحي عمداً في حديثهم ، حتي أنا كنت في فترة من الحماقة بحيث كان أغلب كلامي العام بالفصحي و تجاهلت العامية المصرية التي هي هويتي.
ما رأيكم ، هل نحيا حقاً حياة مصرية ؟ لست أكتب لأحاسب أحد علي حياة تربينا عليها منذ صغرنا ، علي فخر كنا نراه في أعين من حولنا بأي كلمة غربية –حتي و لو سيئة النطق- نقولها .أنا أكتب لنصيغ معاً حياة جديدة لنا ، حياة نصنعها بأيدينا ، حياة كل تفاصيلها مصرية ، لغتها ، ملابسها ، طعامها ، شرابها، كل تفاصيلها، حياة مصرية.

لنبدأ من أول دائرة الحياة ، لنبدأ من البراعم الذين شهوهت مصريتهم علي مر السنين في مدارس أجنبية و أفلام رسوم متحركة غربية و يابانية و ألعاب صينية و غربية و مؤخراً خليجية ، لنبدأ بالمستقبل ، لنبدأ بالأطفال.
حياة الطفل الطبيعي ثلاثة أقسام (اعلام و ألعاب ) ، ( مدرسة ) ، ( عائلة).أما عن الاعلام فالطفل الذي سيصير مصرياً للاسف يشاهد قنوات خليجية تعرض رسوم متحركة و أفلام أمريكية و يابانية مدبلجة، هنا تبدأ الكارثة ؛لأنه مع الوقت يتقن الانجليزية بسبب الأفلام ، و اللهجة الخليجية بسبب الرسوم المتحركة المدبلجة ،و ينفصل عن هويته المصرية تماماً لأن أحداً لا يبالي به و هنا يكون دورنا في صناعة رسوم متحركة مصرية تحترم عقليته لا تستخف بها كالتي تعرض كل عام في رمضان ، ويجب أن تحمل أفكارنا المصرية و تستمد من تراثنا الفرعوني و الاسلامي و القبطي ، و بخاصة الفرعوني ، لأنه تراث جذاب و ممتلأ بالأساطير التي تصلح بعد صبغ بعض الاثارة و المغامرة كأفكار لرسوم متحركة مناسبة للاطفال و الكبار .و هنا اذكر أن أغلب الرسوم المتحركة اليابانية التي يتابعها الأطفال فيها الكثير من التراث الياباني كالنينجا و الساموراي و الكينوتشي ،كما أنها تحمل القيم اليابانية كحب العمل ، و الوفاء للقائد حتي الموتو الانتماء للوطن ، و تقديس كلمة شرف . نحن لدينا قيماً مصرية خاصة ، كالكرم و حب الوطن ، و حب العائلة و دفء المجتمع ،و هي قيم خاصة بنا تمثل مصريتنا التي يجب أن تغرس في الأطفال منذ الصغر.

و يجب أن نعيد الاعتبار للأراجوز و مسرح العرائس اللذان يمثلان نبض مصري خالص لطيف يصل الي الطفل أفضل بمراحل من العرائس الغربية الضخمة التي قد يخشاها ، و قد ذكر أفضل لاعب يمثل اراجوز في مصر أن الأراجوز قد يحمل بعد أكبر من مجرد الضحك يصل الي حد السخرية السياسية اذا كتب له بشكل جيد، كما أنه حذر من الخطر الذي يحدق بالأراجوز الذي هو جزء من تراثنا بسبب اهماله و اندثار أكثر لاعبيه .
أما عن لعب الأطفال فنحن نري باربي تمثل الثقافة الغربية و فلة التي تمثل الثقافة الغربية و لانري دمية واحدة تمثل الثقافة المصرية.لماذا لا توجد دمية شهيرة مصرية ترتدي جلباب فلاحي أو ملابس فرعونية ؟ لماذا لا توجد شخصية رسوم متحركة شهيرة مصرية تصنع لها دمي و ألعاب مصرية شكلها مثل بن تن الأمريكي أو البوكيمونات اليابانية ؟ هذه الدمية قد لا تبدو مهمة و لكنها تصنع الكثير. الدمي اليابانية التي تحمل سيوف تغرس في نفس الطفل رويداً رويداً فكرة الفارس ، دمية باربي تغرس في نفس الطفلة ملابسها الغربية و دمية فلة الخليجية تغرس داخلها العباءة الخليجية . الموضوع صياغة وعي ثقافي للطفل لا مجرد ألعاب.
لماذا يشتري الطفل فانوس صيني ؟ لماذا لا نصنع فانوس مصري خالص و لكنه يغني ؟ لماذا نحطم فكرة الفانوس التي تشكل وعيه المصري و نحولها الي محض لعبة علي شكل كرومبو يمكن أن يشتريها في رمضان أو غير رمضان ؛لأنها لا تحمل العبق الرمضاني المصري الساحر؟ لماذا تتراجع قيمة الطرطور و الطربوش في الأعياد لحساب القبعات الغربية التي يشتريها الاطفال الاّن ؟ لا يجب أن نترك كل نا يربطهم بمصريتهم و هم صغار يذهب ، فلنحرص علي الفانوس المصري، و عروسة المولد ،و الطرطور ؛لأنها أول ما يعرفهم بثقافتهم المصرية .
القسم الثاني المدرسة ، للأسف بسبب التخلف المفزع المشين للتعليم المصري نضطر أن ندفع بهم الي مدارس لغتها الأولي ليست عربية و نضطر لأن نتقبل كل ما هو غربي ، حتي الأعياد الغربية في مدرستهم . هذا أمر واقع ، و لكن حتي يتحسن التعليم هل سنتركهم فريسة التغريب ؟ لا ،يمكننا أن نفعل شيئاً ، يمكننا أن نجعلهم يحتفلون بالكريسماس باحضار هدايا مصرية مثل الطراطير و الأراجوز ، يمكننا أن نجعلهم يحتفلون بالهالوين و يرتدون ملابس مصرية كالبواب و الفلاحة و الفراعنة . يمكننا أن نحرص علي امتحان مستواهم في اللغة العربية بين الحين و الاّخر ،و أن نشجعم علي الكتابة و الحديث قليلاَ بالفصحي لا أن نشجعهم أكثر و أكثر علي التحدث باللغات الغربية.
القسم الثالث هو العائلة ، لن أعلق كثيراً هنا ، لأن لعائلة يجب أن تقرر هل تريد أبناء مصريين أم أبناء خليجيين أم أبناء غربيين؟ هل تريد أن تلبسهم جلاليب خليجية و عباءات أم ملابس غربية أو جلابيب مصرية؟ هل تريد أن يتحدثوا بالعربية أم اللغات الغربية؟ هل تريد أن تجعلهم يشاهدون أفلاماً مصرية أم غربية ؟ العائلة تملك القدرة علي الاختيار ، و كما عرفت كيف تربي الكثيرين علي عقدة الأجنبي و التخلج بحجة التدين ، تملك أيضاً غرس الايمان بالفخر بالمصرية و الحياة بطريقة مصرية.
هذا هو الجزء الأول الذي بدأت فيه بالبداية و الأجزاء القادمة ستكون تفاصيل متكاملة للحياة المصرية التي نصيغها بأيدينا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق